أصدرت الأمم
المتحدة تقريراً
عن الهجوم الكيماوي الذي وقع في الحادي
والعشرين من شهر آب/أغسطس
قرب دمشق والذي استُخدم فيه عامل السارين،
ويتحدث التقرير عن استخدام نوعين من
الأسلحة في الهجوم وهما قذيفة مدفع من
نوع M14
وعيار
140 ملم
وصواريخ مجهولة لم يسبق لأحد أن رآها من
قبل، وبعد صدور التقرير تعدّدت المزاعم
حول الجهة التي تقف وراء الهجوم، فنَشرَت
صحيفة النيويورك تايمز تقريراً
لخّصت فيه عدداً من المعلومات الأساسية
التي تشير إلى مسؤولية القوات الحكومية
عن الهجوم,
أما
من ناحيتي فقد سبق لي وقلت أني لم أرى أياً
من هذين السلاحين الذي استخدما في الهجوم
بحوزة قوات المعارضة,
ورداً
على تصريحي هذا زعمَ عدد من الأشخاص
والمنظمات أن المعارضة السورية تمتلك
بالفعل قذائف مدفعية من عيار 140
ملم
والمذكورة آنفاً، والتقرير التالي الذي
نشره موقع Press
TV بعنوان
"خمسة
أكاذيب استُخدمت لفبركة التقرير الأممي
بخصوص سورية"
هو
أحد الأمثلة عن هذه المزاعم,
وقد
وردَ فيه ما يلي:
"أطلِقتْ
العوامل الكيماوية بواسطة أسلحة لا
تستخدمها قوات التمرد:
إن
هذا الادعاء مأخوذ عن أحد المراقبين للوضع
في سوريا واسمه إليوت هيغينز (Eliot
Higgins) ويُعرف
أيضاً ببراون موزيس (Brown
Moses) وهو
مدون يعيش في بريطانيا ويعمل على مراقبة
الأزمة السورية وتوثيق الأسلحة المستخدمة
في الصراع الدائر فيها ويكتب عنها في
مدوّنته.
يقول هيغينز
أنه لم يشاهد هذه الصواريخ ذات العيار
الكبير (140
ملم
و330
ملم)
بحوزة
الإرهابيين الذين يقاتلون داخل سورية
وعلى حدودها، إلا أن منشوراته السابقة
يظهر فيها صواريخ وقذائف بحوزة الجماعات
المسلحة مشابهة من حيث الشكل وطريقة
الاستخدام لكلا السلاحين المذكورين لكنها
أصغر حجماً."
بغض النظر
عما يتوفر لكاتب التقارير من دِراية في
هذه المجال، إلا أن لعيار القذائف هنا
أهمية خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتعرف
على الأسلحة والذخائر وتحديد نوعها، وليس
لدي شكٌ بأن الكاتب يشير في كلامه إلى
الأشرطة المصوّرة التي تُستخدم مؤخراً
لإثبات أنّ المعارضة تمتلك قذائف مدفعية
من عيار 140
ملم،
وفيما يلي مثالين عن هذه الأشرطة الّلذان
أرسِلا إلي:
استُخدم
هذان الشريطان ومثيلاتهما من قِبل البعض
كدليل على احتمال أن تكون المعارضة قد
أطلقت قذائف ذات عيار 140
ملم،
لكن المشكلة في هذه الفرضية أن الراجمتين
الظاهرتين في الشريط لا يتم استخدامهما
لإطلاق القذائف من عيار 140
ملم،
حيث يظهر في الشريط الأول في الأعلى راجمة
صواريخ متعددة من نوع Type-63
التي
تطلق صواريخ من عيار 107
ملم،
وأما الشريط الآخر فيعرض راجمة الصواريخ
الكرواتية المتعددة من نوع RAK-12
التي
تطلق صواريخ من عيار 128
ملم،
كما أن الأشرطة المصوّرة التي تنشرها
المعارضة تعرض عدداً من راجمات الصواريخ
المحلية الصنع لكني لم أشاهد قط أيّة دليل
على استخدام هذه الراجمات لإطلاق قذائف
من عيار 140
ملم.
إن
أكثر ما يميّز هذه القذائف عن غيرها هو
عدد الفوّهات في مؤخرها حيث يبلغ عددها
10 فوهات
على خلاف الكثير من الأنواع الأخرى مما
يسهّل من عملية تمييزها عن غيرها من
القذائف أو الصواريخ، وبالرغم من كل ما
سبق لا أستبعد وجود دليل يثبت صحة هذه
الفرضية، ولو توفر الدليل أرجو أن أطلّع
عليه.
إن زعم
امتلاك المعارضة للقذائف من عيار 140
ملم
لمجرد أنها تمتلك صواريخ وقذائف من عيار
107 ملم
و128
ملم
هو أمر غير منطقي تماماً، ويجدر التنويه
إلى أن راجمة الصواريخ من نوع BM-14
تبدو
مختلفة كلياً عن الراجمات التي رأيناه
في الأشرطة السابقة، والاختلاف الرئيسي
هو وجود أربع مواسير إضافية كما هو واضح
في الصورة.
يمكن ملاحظة
الفرق بسهولة.
الشريط
التالي الذي نُشر قبل إعداد تقرير Press
TV يستحق
المشاهدة فهو يتحدث عن الأسلحة المستخدمة
في الهجوم الكيماوي وخصواً القذيفة من
نوع M14
وعيار
140 ملم.
أنصح على
وجه الخصوص بمشاهدة الجزء من الشريط الذي
يتحدث عن العلامة "179"
الموجودة
على بقايا القذيفة التي عُثر عليها قرب
دمشق، وتحديداً من الدقيقة 6:18
وما
بعد حيث يَذكر الشريط أن هذه القذيفة تعود
إلى حقبة الاتحاد السوفييتي السابق، كما
يمكن الاطلاع على المزيد من التفاصيل
بخصوص هذه القذيفة في سيبيريا في هذا
الرابط.
لقراءة
المزيد عن موضوع هجمات الحادي والعشرين
من شهر آب/أغسطس
قم بزيارة هذا
الرابط،
كما أن هذا
الرابط
يحوي منشورات أخرى تتحدث عن الأسلحة
الكيماوية وعن سورية بما في ذلك مقابلات
ثرية بالمعلومات أجريتُها مع خبراء في
الأسلحة الكيماوية.
No comments:
Post a Comment