كتبتُ مقالاً في
وقت سابق من هذا الأسبوع عن صورتين أرسلهما
لي صحفي يعمل في سوريا والذي قام بتتبّع
قنابل الغاز التي ارتبطت بهجومين كيماويين
قيل إنهما وقعا في حي الشيخ مقصود في مدينة
حلب وفي بلدة سراقب التابعة لمحافظة إدلب.
وقد تحدثت
إلى هذا الصحفي ويدعى ألفريد هاكنزبيرغر
(Alfred
Hackensberger)، وكان
قد تكلّم عن التحقيقات التي أجراها في
سوريا ونُشرت هذه التحقيقات في صحيفة داي
فيلت (Die
Welt) وزوّدني
بمزيد من التفاصيل عن التحقيقات التي قام
بها، وبدأت بسؤاله عن المناطق التي زارها
في سوريا.
ألفريد هاكنزبيرغر
- ذهبتُ
برفقة مصوّري فيكتور براينر (Victor
Breiner) إلى
مدينة حلب وزرنا المنطقة المحيطة بالمدينة
حيث جبهات القتال في بلدات كبلدة كفرحمرا
القريبة من بلدتي نبل والزهراء الشيعيّتين
وأيضاً زرنا بلدة السفيرة حيث كانت قوات
المعارضة تحاصر منشأة عسكرية تحتوي في
داخلها على ذخائر ومواد كيماوية.
أثناء تجوّلنا في
المنطقة المذكورة التقينا بقوات المعارضة
وقادتهم وعرضنا عليهم صورة للقنابل التي
قيل إنها استخدمت في الهجمات الكيماوية.
في بداية
الأمر لم يتعرف أحد من هؤلاء المقاتلين
على القنابل وعندها ظننّا أنّنا وصلنا
إلى طريق مسدود لكننا التقينا بعد ذلك
بمقاتلين إثنين من المعارضة المسلحة على
أحد جبهات القتال في بلدة السفيرة واستطاعا
التعرف على القنبلة على الفور وأكّدا لنا
أنها اُستخدمت ضد مقاتلي المعارضة إلّا
أنهما لم يتذكّرا بالضبط إن كان المقاتلون
المستهدفون تابعون للواء التوحيد أم
لجبهة النصرة.
وأياً يكن
فقد أضافا لنا أن هذه القنابل هي قنابل
دخانية وليست كيماوية، وفي قت لاحق قابلنا
شخصين آخرين وأكّدا لنا نفس الأمر.
أمّا مقاتلو جبهة
النصرة فقد تعرّفوا فوراً على القنبلة
عندما قابلناهن في قاعدتهم وعرضوا لنا
قنابل من نفس النوع أو السلسة وأضافوا
قائلين:
" إنّ
كل هذه القنابل هي قنابل دخانية وقد
غنمناها من مستودعات الجيش النظامي."
وأعادوا
تأكيدهم للمرة الثانية أنّ القنابل التي
غنموها ليست قنابل كيماوية، ولم يذكروا
أمامنا إن كانوا قد استخدموها في القتال
أم لا، أو أنهم اختاروا ألا يدلو بأي شيء
بهذا الخصوص.
يمكنني أن أستنتج
أنّ كلّ من قابلناهم لم يكن لديهم عِلم
بأن هذا النوع من القنابل قد اُستخدم في
الهجمات الكيماوية التي زُعم أنها وقعت
في بلدة سراقب أو حي الشيخ مقصود، وتوجّب
علينا حينها أن نبيّن لهم أنّه قد تم
استخدامها، وما أعنيه هنا أنّ هؤلاء
المقاتلين في الواقع لم يكن لديهم أي عِلم
أو معرفة بهذه القنابل.
وعلى إثر تأكيد
هؤلاء المقاتلين أنهم غنموا القنابل من
مستودعات الجيش السوري رحنا نبحث عن ضباط
وجنود سابقين في الجيش السوري من المحتمل
أن يتعرفوا عليها وعرضنا عليهم صورة
القنبلة وبعد مضي يومين قابلنا مقاتلاً
أكّد لنا أنّه سبق له وأن رآها.
وهذا المقاتل هو
من مقاتلي المعارضة وعلمنا أنه يذهب
بانتظام إلى الحدود التركية لترتيب عمليات
نقل الأسلحة وأخبرنا أنّه شاهد هذه القنابل
من قبل (وأعني
هنا القنبلة الأصلية المتعلقة ببلدة
سراقب وحي الشيخ مقصود)
خلال تأديته
للخدمة العسكرية منذ عام تقريباَ في مدينة
درعا قبل أن ينشق عن الجيش النظامي، وأضاف
أنّ قوات من النخبة يُعتقد أنها تتبع
للفرقة الرابعة كانت تتدرّب على استخدام
هذه القنابل وأنّ ضابطاً أخبره أنّ هذه
القنابل مصدرها إيران وتحتوي عادةً على
دخان ومرخي للأعصاب وتُستخدم لتهدئة
المتظاهرين وأضاف أيضاً أنّ هذه القنابل
لم يتم استخدامها ضد المتظاهرين في ذلك
الوقت، أي أثناء وجوده في الجيش النظامي.
----------------------------
سأنشر في الأيام
المقبلة سلسلة من المقابلات التي أجريتها
مع عدد من الخبراء في الأسلحة الكيماوية
وسأتكلم عن الجوانب المهمة المتعلقة بغاز
السارين وعن الهجوم الذي استهدف بلدة
سراقب حيث تزعم الولايات المتحدة بأن غاز
السارين استخدم فيه وأيضاً سأتكلم عن
الهجوم الذي وقع في بلدة خان العسل حيث
تزعم روسيا أن غاز السارين استخدم فيه.