يتناولُ
هذا المنشور المجموعة الثانية من الأجوبة
التي قدّمها الخبيران الآخران في الأسلحة
الكيماوية بعد مزاعمَ باستخدامها في
سورية.
لقراءة
الجزء الأول من الأجوبة انقر هنا.
قدّم "دان
كازيتا"
(Dan Kaszeta) -وهو
محارب قديم في الفيلق الكيماوي في الجيش
الأمريكي -أجوبة
مفصّلة حولَ السارين،
ما هي
أشكال السارين؟
في درجات
الحرارة الطبيعية يكون السارين (ويُعرف
أيضاً بِ GB)
سائلاً
شبيهاً بالماء من حيث الشكل والقوام،
ومُصطلح "غاز
السارين"
هو
مصطلح مُضلِّل لأن السارين ليس غازاً في
درجات الحرارة الطبيعية (على
سبيل المثال يكون الكلور غازاً في درجة
حرارة الغرفة).
وهو
سائلٌ عند درجة حرارة تبلغ ما بين -56
و+150
مئوية
تقريباً، إلا أنه يتبخّر بالتناسب مع
دراجة الحرارة.
والسارين
لَزجٌ على عكس الماء، لكن وفقاً لخِبرَتي
لا يمكن ملاحظة هذا بالعين المجرّدة،
وتعني اللُّزوجة هنا درجة سَمَاكة السائل.
كما أنّ
للسارين ضغطُ البُخار، أي أنه يميل إلى
التبخّر والتحول من الحالة السائلة إلى
الحالة الغازيّة كما هو الحال بالنسبة
للكثير من السوائل كالماء والكحول والبنزين
والأسيتون وجميعها لديها ضغط البخار.
للسارين
ضغطُ بخارٍ أدنى بقليل من الماء ممّا يعني
أن سرعة تبخر قَطْرة من السارين أقلُّ من
سرعة تبخّر الماء عند درجة حرارة تبلغ 25
درجة
مئوية شرطَ أنْ تكون جميع العوامل الأخرى
متساوية (كدرجة
الحرارة والرياح ...
الخ)،
لكن في الواقع غالباً ما تكون سرعة تبخر
السارين أعلى من سرعة تبخّر الماء، وقد
شَاهدتُ قطرة من الماء بجانب قطرة من
السارين على بندقية في غرفة اختبار.
ويعود
سبب تبخرُ السارين بسرعة تفوق سرعة تبخر
الماء إلى وجود بخار الماء مُسبقاً في
الجّو وهو ما يُسمّى بالرطوبة، وتقولُ
القاعدة التي تعلّمناها أن السارين
يتبخّرُ كَتبخّرِ الماء في الصحراء.
لابدّ من
التنويه إلى أن السارين سريع التبخر في
درجات الحرارة المرتفعة وهذا ما يجعله
عامل أعصاب سريع الزوال، فَفي درجة حرارة
الغرفة أو درجة أعلى منها لن يستمرّ تلوّث
المنطقة أو الملابس أو المعدّات لفترات
زمنية طويلة لأن السارين سيتبخر مثلما
تتبخّرُ قطرات السوائل الأخرى تماماً،
ولا ينطبق هذا على عوامل الأعصاب الأخرى
كعامل GD
أو
VX لأنها
ذاتُ ضغط بخار أقل وبالتالي ستتبخّر بشكل
أبطأ.
إنّ بخار
السارين أثقلُ من الهواء.
هل يمكن
للسارين أن يأخذ شكل السائل أو الغاز أو
المسحوق ...
الخ؟
إن أفضلَ
وصفٍ للسارين هو وصفه كسائل قابل للتبخر،
ولابدّ من التنويه إلى أنّ كثيراً من
طُرقِ استخدام السارين (انظر
تذخير الأسلحة بالسارين في الأسفل)
تؤدي
إلى تُشكّل غيمة مُكوّنة من الرذاذ
ومُقسّمة (مجزّأة)،
ويتصرّفُ هذا الرذاذ (الغيمة)
كتصرّف
الغازات والأبخرة.
"العوامل
الغباريّة"
أو
المسحوق:
لم
أسمع قَط عن إطلاق السارين على شكل مسحوق
أو مادة صلبة، إلا أنني لا أستبعد كليّاً
إمكانية أن يكون أحدهم قد طوّر "عاملاَ
غُبارياً"
من
السارين، أي على شكل مسحوق أو غُبار، وقد
حُكي عن إمكانية وجود عوامل كيماوية حربية
لها شكل الغُبار أو المسحوق، لكن وفقاً
لمعلوماتي يمكن حدوث هذا مع العوامل ذات
ضغط بخار منخفض، وليس مع العوامل السريعة
التبخّر كالسارين.
إنّ
الفائدة الوحيدة التي قد تَنتُج عن صُنع
"سارين
غُباري"
هي
إبطاء عمليّة تبخر السارين، وليس المقصود
صنع سارين على شكل مسحوق لكن في الحقيقة
تشريب جسيمات أو ذرّات صغيرة بالسارين،
إلا أن القيام بذلك سيخفّض من معدّل سرعة
تبخّر عامل السارين ممّا سيؤدي إلى إضعاف
قدرته على القتل الفوري التي هي الهدف
الرئيسي من استخدامه، وسيكون لعملية
الحصول على هذا العامل على شكل مسحوق
فائدة ضئيلة، كَما سيكون من الصعب جداً
إبطاء عملية تبخره,
فمن
الأسهل في هذه الحالة استخدام عامل أعصاب
آخر يدوم فترة أطوَل من فترة بقاء السارين،
أو ربمّا من الممكن زيادة سماكة السارين
بإضافة مادة ما، وقد طالَبَتْ الحكومة
الأمريكية بالحصول على براءة اختراع بعد
نجاحها بالقيام بذلك سنة 1969.
هل للسارين
رائحة أو لون معيّنين؟
إن السارين
سائل عديم اللون، والسارين النقي عديم
الرائحة.
وحتى
لو كان له رائحة فسيكون من الصعب أن نعرف
ما هيتّها، فلو أمكَن لشخص ما اكتشافه
بحاسة الشم فسيكون السارين حينها ذا تركيز
قادر على قتل هذا الشخص قبل أن تُتاح له
الفرصة لوصف الرائحة التي شَممها.
ماهي
الطريقة الأمثل لتذخير الأسلحة بالسارين؟
إن مصطلح
"التذخير"
يُقصد
به عموماً "كيفيّة
وضع هذا المُركّب الكيماوي في أداة ما أو
ذخيرة لكي يؤدي وظيفته بفاعلية في ميدان
المعركة".
للإجابة
على هذا السؤال لا بدّ من تطبيق خصائص
السارين السائل على بيئة ميدان المعركة
ومحيطها، ونظراً لخصائصه الماديّة
والسُميّة فإنّ أفضلُ طريقة لاستخدام
السارين أو أيّ عامل أعصاب آخر سريع الزوال
هي الوسائل أو الأسلحة التي تَنشُر أو
تُطلق قطرات صغيرة من السارين أو الرذاذ
بسرعة وبتركيز عالٍ بما يكفي لإيقاع
إصابات مباشرة، وإطلاق شحنة من السارين
في مكان واحد (كإفراغه
بواسطة دلو ماء)
سَيجعلُ
من هذا المكان مصدر خطر كبير في حين لن
يكون لذلك تأثيرات واسعة خارج هذه النقطة
المستهدفة، كما أن السّلاح التي يؤدّي
هذا الغَرض سيكون أقل فاعلية من عبوة
ناسفة تقليدية لها الحجم ذاته.
كما
أن تجزئة السائل أو تقسيمه بالتساوي
وإطلاقه في منطقة واسعة سيؤدي إلى تناثره
بسرعة ولن يكون ذو تركيز كافٍ للتسبب
بالعجز أو الوفاة، وأكرر القول إن سلاحاً
كهذا لن يكون له فائدة كبيرة مقارنة بسلاح
تقليدي له الحجم والوزن والشكل ذاته.
إن المبدأ
أو القاعدة الأساسية في تصميم سلاح يطلق
السارين هي إيقاع إصابات سريعة، وعلى هذا
النحو تم تصميم الأسلحة والذخائر بحيث
تنفجر وتتناثر عند مستوى الأرض (على
عكس العوامل الكيماوية الطويلة الأمَد
التي تم تصميمها لتلويث المنطقة والمعدات
والتي غالباً ما تنفجر أو تتناثر فوق
مستوى الأرض لكي تنشر شعاعاً من النقاط
الصغيرة).
خلال
الحرب الباردة كرّست القوى العظمى الكثير
من الوقت والخبرة والمال لدراسة وتجريب
تصاميم متنوعة من الأسلحة لمعرفة فعالية
ذخائرها المختلفة وكيفية تكوينها، وأصبحت
الكثير من هذه المعلومات متاحةً للعامّة
إمّا مباشرة على شكل وثائق كانت بالغة
السريّة أو بشكل غير مباشر، فمثلاً يمكننا
رؤية أنواع الأسلحة التي نَتجَت عن عمليات
الاختبار والتحسين والتوصل إلى استنتاجاتنا
الخاصة بنا والتي تحدّد أنواع الأسلحة
التي قد تعمل والتي قد لا تعمل.
وُضعتْ
القائمة التالية بناءً على تجارب الولايات
المتحدة والاتحاد السوفييتي سابقاً،
وتَضمُّ القائمة الأسلحة التقليدية التي
يمكن استخدامها لإطلاق السارين في ميدان
المعركة، وجميع هذه الأسلحة مزوّدة بصواعق
تنفجر عند ارتطامها بالأسطح:
- قذائف الهاون.
- القنابل التي تُلقى من الجو.
- القنابل العنقودية.
- رؤوس الصواريخ الحربية.
- رؤوس الصواريخ الحربية قصيرة المدى.
- الألغام الأرضية.
لابدّ من
التنويه إلى أنه من غير المناسب تذخير
بعض أنواع الأسلحة بالسارين، وفيما يلي
بعض هذه الأسلحة:
- القنابل اليدوية: تتّصفُ هذه القنابل بصغَر حجم حشوتها المتفجرة، وقد يؤدي تسرب السارين منها إلى قتل الجندي الذي يحملها بيده ممّا يستوجب عليه ارتداء الملابس الواقية طوال الوقت، كما أن رمي تلك القنابل أثناء ارتداء الملابس الواقية سيحدّ من دقّة إصابة الهدف ولن يستطيع الجندي رَميها إلى مسافات بعيدة.
- القنابل التي يتمّ إطلاقها بواسطة الأسلحة القاذفة للقنابل: لها المساوئ ذاتها التي لدى القنابل اليدوية لكن أبرزها صِغرُ حجم حشوتها المتفجرة.
- أدوات الرشّ من الجو: لابدّ للمروحية أو الطائرة التي سترشّ السارين أن تكون منخفضة عند مستوى الأرض تقريباً وهو أمر شبه مستحيل، وإلّا فإنّه سيتبخر قبل وصوله إلى الأرض ولن يحقّق الهدف من استخدامه، فأدوات الرشّ من الجو أفضلُ عند استخدام العوامل الكيماوية الأكثر لزوجة والأكثر ديمومةً كعامل الخردل وعامل VX.
- كلّ سلاح مزوّد بصاعق ينفجر في الجو: قد ينشر قطرات صغيرة من السارين ولذلك فهي طريقة غير عملية لاستخدام هذه العامل.
- كلّ سلاح متفجر قادر على نشر العامل الكيماوي ومزوّد بكمية متفجرات إمّا قليلة جداً أو كبيرة جداً، ولن أحدّد ما هو هذا السلاح (لأسباب واضحة) إلا أن هناك نسبة مُثلى للمادة المتفجرة في العامل الكيماوي، فالقليل من المتفجرات سيخلّف وراءه بركة صغيرة موحلة، وأما الكثير منها فسيؤدي إلى نشر السارين فوق الحد المطلوب بسبب الانفجار الكبير الذي ستحدثه الحشوة المتفجرةٍ الكبيرة.
يَجدُر
بالذكر أن مُصطلح "حشوة
العامل الكيماوي"
يُستخدم
لوصف كيفية حشو العامل داخل السلاح أو
الذخيرة.
هناك
ثلاثة أنواع رئيسية للحشوات الكيماوية.
- حشوة أحاديّة: أي عندما يتمّ ملء حوضٍ واحدٍ كبير بالسارين داخل السلاح.
- حشوة ثنائيّة: أي عندما يتمّ مزج مكوّنين منفصلين للحصول على السارين قبل شنّ الهجوم، وغالباً ما نقوم بذلك من أجل التعامل الآمن مع الذخائر ولتجنّب تخزين الأسلحة الكيماوية أو الذخائر المحشوة بالعامل الكيماوي لما ينطوي عليه ذلك من مخاطر. يمكن مزج المكوّنين معاً لحظة الاقتراب من المكان المُستَهدف ويُفرغ السائل الناتج عن عملية المزج في قذائف أو ذخائر مصمّمة لمزج مركّبين مختلفين ويتم ذلك أثناء التحليق في الجو، وعلى حَسب عِلمي فقد تمّ تطبيق هذا على عاملي GB وVX. إن السلاح الثنائي المُتقن الصُنع لا يختلف كثيراً عن الحشوة الأحاديّة، أمّا إذا نَتجَ عن عملية المزج سلاح رديء الصنع فسيكون ذو نسبة فشل عالية وقد لا ينفجر أو سيكون أقلّ تأثيراً.
- الذخائر الفرعية (الشبيهة بالقنابل العنقودية): وهي طريقة فعالة جداً لاستخدام السارين حيث يتم إطلاق قنابل صغيرة مملوءة بالسارين فتتناثر هذه القنابل عند ارتفاع معين بعد إسقاطها من الجو وتكون مصممّة لتنفجر عند ارتطامها بالأرض. يمكن اعتبار هذه القنابل الفرعية الطريقة الأكثر فاعلية لاستخدام السارين في حال كانت العوامل الأخرى متساوية (كالرياح ودرجة الحرارة .... الخ).
لابدّ من
التنويه إلى موضوع "نسبة
الفشل".
إنّ
كل أنواع الذخائر لها نسبة فشل، أي احتمال
ألا تؤدي القذائف أو الصواريخ ....
الخ
وظيفتها كما ينبغي، وهناك أمثلة وأدلّة
على أنّ بعض الأسلحة الكيماوية القديمة
كان لها نسبة فشل مرتفعة، وحتى أن الكثير
من قذائف المدفعية التقليدية المصنّعة
حديثاً لها نسب فشل لا بأس بها، إلا أنه
لا يوجد حتى الآن آلية ملموسة لتفسير سبب
التدني الكبير في نسبة فشل القذائف
الكيماوية، ومع ذلك سيبقى هناك فرصة لوجود
قذيفة غير منفجرة في حال استُخدمت الأسلحة
الكيماوية على نطاق واسع، وفي حال تم
الحصول عليها وتأمينها ستكون هذه القذيفة
الغير المنفجرة ذات قيمة استخباراتية
كبيرة.
(ولا
يجب على الهواة وعديمي الخبرة القيام
بمَهمّة كهذه).
هل سمعتَ
قط عن استخدام السارين على شكل سائل
مُخفّف؟ أو أنه مُزج مع مواد كيماوية أخرى
لجعله أقل فتكاً؟
إنّني لا
أرى فائدة تُرجى من محاولة تخفيف السارين
وجعله أقلّ فتكاً، فأنا لم أسمع قط عن
حدوث أمر كهذا,
ولا
يُحبّذُ استخدام أحد عوامل الأعصاب عندما
يكون الهدف إضعاف العدو ووهنهِ لأن
استخدامها سيؤدي فقط إلى ظهور أعراض
مُزعجة ودون الحادة وذات مستوى منخفض
كَسيلان الأنف والحدقة الدبوسيّة (أو
المتضيّقة)
ولن
يكون لذلك فائدة من الناحية التكتيكية
بل سيكون من الأفضل حينئذ استخدام أحد
العوامل الكيماوية المُستخدمة في مكافحة
الشغب مثلاً أو عامل الأدامسيت (adamsite)
غير
القاتل والذي يسبب التقيُّؤ حيث بإمكان
هذين العاملين إصابة الشخص المستهدف
بالوَهن والضعف بسهولة، في حين أن استخدام
عوامل الأعصاب سيترتّبُ عليه ردٌ محتملٌ
من المجتمع الدولي حتى ولو كانت كمية
السارين المستخدمة صغيرة جداً,
أضف
إلى ذلك أنّ الفرق ضئيل بين حَجم الجُرع
القاتلة من عوامل الأعصاب وحَجم الجُرع
غير القاتلة ولهذا السبب يصعب التحكم
بها.
لقد صُمّم
السارين كي يقتل ويُسبّب الأذى أو الإصابة،
ولا يوجد فرق كبير بين جرعاته القاتلة
وتلك التي تُسبّب الشلل المؤقّت (1000ملغ
و1700ملغ هي على التوالي مثل ED50
وLD50)
وإن
تركيز السارين الذي يجعل الشخص يمتصّ
جرعة غير قاتلة تبلغ 1000
ميلغرام
من السارين سُرعان ما يؤدي إلى جَعل هذا
الشخص يمتصّ جرعة قاتلة تبلغ 1700
مليغرام.
زَعمت
بعض التقارير أنها تحوي أدلّة على استخدام
السارين بعد فحص كل من الشعر والملابس
والدم والأنسجة وعينات من البول.
سأتحدثّ
عن كل نوع من هذه العيّنات على حِدا.
الدم
يمكن اكتشاف
السارين في عيّنات الدم بشكل مباشر أو
غير مباشر، وقد تمّت دراسة عدّة طُرق
لاكتشاف السارين في الدم ووُصِفت الكثير
من هذه الدراسات في المجال الأكاديمي،
كما أن هناك طرقاً غير مباشرة لكشف نواتج
تفكك السارين أو التأثيرات الفيزيولوجيّة
التي يخلّفها، فمثلاً بعد وقوع هجوم طوكيو
سنة 1995
والذي
وثّقته منظّمة حظر الأسلحة الكيماوية
تبيّنَ أن أحد نواتج تفكك السارين مادة
كيماوية تُعرف اختصاراً ب IMPA
(isopropyl methtylphosphonic acid (والتي
عُثر عليها في عينات الدم التي تمّ جَمعها
بعد وقوع الهجوم.
يعملُ
السارين على كبح نشاط مادة يستخدمها
الجهاز العصبي لدى الإنسان تُدعى أسيتيل
كولينستيراز (acetylcholinesterase)،
وقد أثَبَتت دراسة واحدة على الأقل أنه
يمكن الاستدلال على استخدام أحد عوامل
الأعصاب وذلك عن طريق البحث عن هذه المادة
في عينات الدم حتى بعد مُضيّ أسبوع على
وفاة الضحيّة، وسيُعثرُ على كمية ضئيلة
منها في عيّنات من دمِ شخص توفّي نتيجة
تعرضه للسارين أو قد لا يُعثر عليها.
ولا
بد من التنويه إلى أن هذا سَيدلُّ فقط على
وجود أحد أنواع عوامل الأعصاب، ولا يُعتبر
دليلاً على وجود السارين على وجه التحديد
كما لا يمكن استبعاد وجود عامل أعصاب آخر
( كما
لا يمكن استبعاد التسمّم بمبيد حشرات
مصنوع من الفوسفات العضوية)،
كما أنه لا يمكن اعتبار عدم وجود هذه
المادة دليلاً قاطعاً على أن الوفاة سببها
أحد عوامل الأعصاب، فقد تقفُ أسباب أخرى
وراء وفاة الضحية كالرضوض التقليدية
مثلاً.
البول
إنّ أحد
نواتج تفكك السارين في جسم الإنسان هو
حمضٌ يُدعى ميثيل فسفونيك (methylphosphonic
acid)،
وأظهرت دراسة أنه يمكن اكتشاف هذا الحمض
في البول بواسطة قياس الطيف الشامل، ويمكن
أن نجده في عوامل كيماوية أخرى غير السارين
(تقول
أحد الدراسات أن هذه المادة هي نِتاج تفكك
السايكوسارين cyclosarin
وعامل
GD الذي
يُعرف أيضاً بالسومان "Soman"
وأحد
أنواع عامل VX).
لابدّ
من التنويه إلى أن المواد الكيماوية التي
امتصّها الجسم تحتاج لبعض الوقت لتصل إلى
البول، فإذا تمّ أخذ عيّنة من البول لفحصها
فور التعرض للإصابة قد لا يُعثر على أي
دليل على التعرض لعامل كيماوي.
النسيج
أجريت دراسة
سنة 2004
باستخدام
فأر التجارب وأظهرت أنه يمكن اعتبار
عيّنات من مَصْل الدم والقلب والكبد
والكلية والرئة كدلائلَ على وجود السارين
أو عامل GD
(Soman) وذلك
باستخدام تقنيّة الاستشراب الغازي (gas
chromatography) وقياس
الطيف الشامل.
الملابس
والجلد والشعر
يمكن للملابس
والجلد والشعر أن تتلوّث بقطرات السارين
الصغيرة، إلا أنني لم أسمع عن امتصاص شعر
الإنسان للسارين، لكن المنطق يقول بأن
أي سائل شبيه بالماء يمكنه أن يتغلغل في
الشعر، ويجب الإسراع في أخذُ عيّنة من
السارين نظراً لسرعة تبخره كما يُفضّل
حفظها في وعاء أو أنبوب محكم الإغلاق في
درجة حرارة منخفضة.
في
مثل هذه الحالة قد يَسهُل التعرف على
السارين عندما يكون على شكل بخار في الجزء
الفارغ من الوعاء أو الأنبوب.
كيف يتمّ
ُفحصُ هذه العيّنات للتحقق من وجود
السارين؟
إن خبرتي
ليست واسعة في التقنيات المخبريّة التي
تُستخدم للقيام بتحليل من هذا القبيل
لكنّي أملك خبرة كبيرة في تقنيات الفحص
الميداني، وأستطيع القول أنّ أفضل قاعدة
مُتعارف عليها في تِقنيّات التحليل هي
استخدام تقنيات الاستشراب الغازي وقياس
الطيف الشامل (GC/MS)
حيث
يستخدم علماء الكيمياء هاتين الطريقتين
على نطاق واسع من أجل التعرف على الجُزيئات،
وهذه تقنية معقّدة تتطلّب التدرّب عليها
كما تحتاج لمعدات مُكلفة أغلبها موجود
في المختبرات.
كما
أنّ هناك بعض الأجهزة المحمولة المصمّمة
لهذا الغرَض لكنها غالباً ما تُستخدم في
السيّارات أو المُختبرات المتنقلة لكنها
ليست أدوات تُحمل باليد.
فيما يلي
بعض التقنيات الميدانية وثيقة الصّلة
بالأدوات المخبرية إلا أن استخدامها
يتطلّبُ توفّر المعدّات المناسبة، وجميعها
لها محاسنها ومساوئها.
- تقنيّة FTIR: وتعني تحليل تحوّل الأشعة تحت الحمراء باستخدام تقنية فوريار (Fourier transform infrared): تُستخدم هذه التقنية لتحليل عيّنات الغاز والبخار والسائل والمواد الصلبة، لكنها لا تعطي نتائج فورّية وتُستخدم للتعرف على العوامل التي تمّ اكتشافها كما أنها ليست أداة كشف أو مراقبة.
- تقنية RAMAN: وتعني التعرف على العامل بواسطة أشعة الليزر التي بإمكانها التعرف على السوائل أو المواد الصلبة لكنها لا تعطي نتائج فورية وتُستخدم للتعرف على العوامل المُكتشفة وهي ليست أداة كشف أو مراقبة أيضاً.
- تقنية (IMS): وتعني قياس الطيف لمعرفة سهولة حركة الأيون (Ion Mobility Spectrometry) وهي عبارة عن تحليل سريع للغاز والبخار، كما أنها الجزء الأهم في الأجهزة الإلكترونية التي تُستخدم لاكتشاف عامل الأعصاب في المجال العسكري، وتعملُ بسرعة كبيرة وبحساسية عالية، إلا أنها أحيانا تُعطي نتائج فحص إيجابية زائفة تختلف نسبتها وفقاً لطراز الجهاز المُستَخدم. بعض هذه الأجهزة تقوم بعملية الكشف فقط بينما تقوم الأجهزة الأخرى بالتعرف على العامل وتمييزه عن العوامل الأخرى (على سبيل المثال تمييز عامل VX عن السارين)، كما أن هناك أجهزة أخرى تقدّم قياساً متعلقاً بالنوع (منخفض أو متوسط أو مرتفع) وبعضها الآخر يقدم نتائج متعلقة بالكَمْ (“25 mg/m3).
- تقنية التأيّن/التشريد بالّلهب (Flame ionization): تُستخدمُ هذه التقنية من قِبل مجموعة من المحقّقين الفرنسيّين في مجال الحرب الكيميائية، وهي شبيهة بتقنية IMS من حيث طريقة تطبيقها.
- تقنية التأيّن/التشريد الضوئي (photoionization): وتُستخدم هذه التقنية في الأجهزة المدنيّة (أي غير العسكرية) للكشف عن المواد الخطيرة، وبشكل عام تعملُ على كشف الغازات السامة لكن لا يمكنها تمييز المواد الكيماوية، فمثلا لا تستطيع التمييز بين النّشَادر والأسيتون والسارين، ولقد أتيتُ على ذِكر هذه القنية في سياق حديثي لأنها تُستخدم بِكَثرة في أقسام إطفاء الحرائق.
- الكيمياء الرطبة: ((Wet Chemistryوهي عددٌ من التقنيات المتنوعة التي تتراوح بين تقنيات بالغة التعقيد وأخرى بالغة البساطة، ويُستخدم فيها عدد كبير جداً من الأدوات والمعدات المختلفة، كما أنّ الأدوات المستخدمة فيها رخيصة الثمن وسهلة الاستخدام لكنها غير دقيقة على عكس الأدوات الباهظة التكلفة التي تعطي نتائج جيّدة إلا أنها صعبة الاستخدام. هناك بعض تقنيات الكشف الخاصة بعوامل الأعصاب في مجال الكيمياء الرطبة، لكنّها بشكل عام لا تميّز جيداً بين أنواع عوامل الأعصاب.
في حال
اُكتشف السارين في عينات من الشعر والبول
ألا يدلّ هذا على انحلال كميات صغيرة وغير
قاتلة منه خلال مدة زمنية ما؟
إن السارين
المُكتشف في الشعر قد يكون من الناحية
النظريّة قطرة صغيرة وُجدت في الشعر
كنتيجة مباشرة لهجوم بالسارين، ويجب في
هذه الحالة جمعُ العيّنة بسرعة ووضعها
في وعاء مُحكم الإغلاق (راجع
في الأعلى)،
إلا أنني لم أسمع عن آليّة بيولوجية
(حيويّة)
تؤدي
لوصول السارين أو أحد نواتجه إلى داخل
شعر الإنسان من خلال نمو هذا الشعر، فقد
بحثتُ في عدد من المراجع لكنّي لم أجد
شيئاً من هذا القبيل.
أما بخصوص
البول فلم أجد معلومات واضحة عن سرعة وصول
السارين أو أحد نواتج تفكّكه إلى البول
من خلال البحث السريع الذي أجريته، إلا
أن السارين له مفعول سريع على المثانة
والكليتين وبالتالي لا يمكن استبعاد
وصوله إلى البول، فقد تم العثور على كمية
كبيرة من نواتج تفكك السارين في بول أحد
ضحايا حادث اعتداء ماتسو موتو (Matsumoto)
الذي
وقع في اليابان والذي سَبَق وقوع هجوم
طوكيو الشهير.
في حال
وجود السارين على الملابس فما مدى خطورة
ملامستها بدون ارتداء الملابس الواقية؟
إن ملامستها
أمر خطير للغاية ويتناسب الخطر مع شدة
التلوّث الذي قد يكون قاتلاً، ولابدّ من
ارتداء ملابس واقية من الرأس حتى أصابع
القدمين قبل ملامسة الملابس الملوّثة
للحماية من خطر البخار المنبعث منها.
هل يمكن
لمواد أخرى أن تعطي نتائج فحص كاذبة تدلّ
على وجود السارين؟
نعم قد يحدث
هذا، وبشكل عام كلما ارتفعت كُلفة وتعقيد
التقنية المستخدمة في عملية الكشف كلّما
تَدنّت فرصة الحصول على نتائج إيجابية
زائفة، فهذه النتائج تعتمد اعتماداً
كليّاً على طريقة الكشف، وغالباً ما تؤدي
المواد الكيماوية ذات الوزن الجزيئي
المساوي للسارين إلى خِداع تقنية (IMS)،
وقد تعطي المبيدات الحشرية المصنوعة من
الفوسفات العضوية نتائج فحص كاذبة وذلك
بسبب الشبه الكبير بينها وبين الأسلحة
الكيماوية المُذخّرة بغاز الأعصاب.
في حال
الاشتباه بوقوع هجوم بالسارين فكيف ينبغي
التعامل مع الضحايا وما التدابير الواجب
اتخاذها؟
يجبُ فرز
الضحايا حسب درجة الإصابة والبدءُ بتقديم
العلاج للضحايا ذوي الإصابة الأخطر،
وتتوفّر الإرشادات التي توضح عملية الفرز
بأشكال شتّى.
يمكن
استخدام الاختصار ABCDD
لوصف
الإجراءات الطبيّة الميدانية اللازمة
عند التعرض لأحد عوامل الأعصاب، ويعني
هذا الاختصار مسلك الهواء والتنفّس
والدورة الدموية والأدوية وإزالة التلوث.
فيما
يلي خطوط عريضة تشرحُ كيفية التعامل مع
إصابة خطيرة بالسارين:
- نقل المصاب من منطقة الخطر، وإن أمكن إزالة الملابس الملوّثة.
- تأمين المَسْلك الهوائي والحفاظ عليه وإن استدعى الأمر استخدام أنابيب التنفس.
- ضبط الإفرازات عن طريق سحبها وإزالتها.
- تهوية المكان بالأكسجين إن أمكن واستخدام كمّامة مزودة بصمام إن لَزم الأمر. إنّ الهواء المتدفق بانتظام أفضل من لا شيء في حال لم يتوفّر الأكسجين.
- مراقبة النبض والبدء بتطبيق الضغط في حال توقفه.
- إعطاء المصاب الأتروبين (atropine) والبراليدوكسيمين (pralidoxmine) (أو أوكسيم آخر (Oxime) وفقاً للأنظمة المحلية المُتّبعة)، وأيضاً إعطاءُه دواءً مهدئاً ومرخياً للعضلات (diazepam) بواسطة حقنة عضليّة.
- إزالة التلوث من أية منطقة في الجلد تعرّضت للسارين، ويُفضّل استخدام الماء والصابون في حال لم تتوفّر المعقّمات المخصّصة لهذا الغرض، كما أن الماء قد يفي بالغرض إن لم يتوفر شيء سِواه ويجب غسل العينين به.
- تأمين الوصول إلى الوريد لفسح المجال أمام إعطاء المصاب الترياق الإضافي.
- إعطاء المصاب مضادات تسمم إضافية حسب الحاجة.
- نقلُ المصاب إلى قسم العناية النهائيّة.
- التفقّد المستمر لمَسْلك الهواء والتنفس والدورة الدموية.
في حال
لم تتّخذ مثل هذه الإجراءات والتدابير
فما الذي قد يحصل للأشخاص الذين يلامسون
الضحايا؟
في حال
تعرّضِ الشخص للسارين على شكل بخار فقط
– وهذا ممكن – فلا يوجد خطر محدّد على من
يقترب منه، لكن في حال تعرضه لقطرات صغيرة
أو سائل فسيصبح من يحتك به أو يلامسه
عُرضةً للتأثر في حال لم يرتدِ هؤلاء
الملابس الواقية، وبالنظر إلى السرعة
الكبيرة التي يتبخر بها السارين سيكون
الخطر الأكبر متعلقاً بالتنفس، إلا أنه
لا يجب استبعاد خطورة ملامسة الشخص
المُصاب.
من
المرجّح أن تتبخّر النقاط الصغيرة التي
استقرت على الجلد والشعر والملابس ممّا
يشكّل خطراً على التنفس لدى الشخص المصاب
وعلى من يحيط به ومَن يقدم له المساعدة.
كم يحتاج
السارين من الوقت ليصبح غير مؤذ ولكي
يتبدد ويتلاشى؟ وهل يستغرق ذلك دقائق أم
ساعات أم أسابيع؟
يستغرق هذا
دقائق أو ساعات وفقاً للرياح ودرجة حرارة
الهواء وكميّة السارين السائل.
يتبخّر
السارين السائل بسرعة، وأيضاً يتناثر
البخار بسرعة في الهواء الطلق لكنّه قد
يبقى فترة طويلة في المكان المُغلق.
----------------------------------------------------------
ستيف
جونسون
(Steve
Johnson) هو
مُدير قسم دراسة أدوات الجريمة الخطيرة
والمتفجرة في جامعة كران فيلد (Cranfield).
السارين
ماهي
الطريقة الأمثَل لتذخير الأسلحة بالسارين؟
استَخدمت
الجيوش عدة تقنيات لهذا الغَرض، وربما
كانت قذائف المدفعية والصواريخ الأسلحة
الأكثر شيوعاً لاستخدام السارين، إلا
أنه تمّت تجربة رشّ السارين بواسطة عُلب
أو اسقاطها بعد مَلئها بهذا العامل، وقد
جَرّبت روسيا المحرّكات النفاثة لهذا
الغَرَض.
عندما
وقع هجوم طوكيو كان الهدف في البداية جعلُ
السارين يتطاير على شكل رذاذ، إلا أنه
تحوّل إلى أكياس مليئة بالثقوب وراحَ
السارين يتبخّر منها (وهي
طريقة فعالة نظراً لسرعة تبخر السارين).
ما هي
أشكال السارين؟ هل هو سائل أم غاز أم مسحوق
....
الخ؟
هل له رائحة أو لون معيّنين؟
السارين
سائل في حالته الطبيعية لكنه يتبخر بثبات
وبسرعة تُماثُل سرعة تبخر الماء، وتبلغ
درجة غليانه 158
درجة
مئوية، وأما درجة تجمدّه فتبلغ -56
مئوية.
من غير
المرجح أن يوجد السارين في الحالة الغازيّة،
إلا أنه قد يتمّ انتاجه على شكل هُباء جوي
(رذاذ-ضباب)
باستخدام
آلية ما، ولا يمكن للسارين أن يوجد على
شكل مسحوق إلا في حال إشباع مسحوق أو مادة
صلبة به.
هل سمعتَ
قط عن استخدام السارين على شكل سائل
مُخفّف؟ أو أنه مُزج مع مواد كيماوية أخرى
لجعله أقل فتكاً؟
ليس المقصود
هنا جعل السارين أقلّ فتكاً، فالإنتاج
الثنائي للسارين من مواد كيماوية منفصلة
وأقل فتكاً وأكثر ثباتاً هي طريقة عملية
وقد أُجريت فيما مَضى، وغالباً ما يشير
هجوم طوكيو إلى سارين مُخفّف إلا أن عملية
التخفيف تلك لم تكن مقصودة.
زَعمت
بعض التقارير أنها تحوي أدلّة على استخدام
السارين بعد فحص كل من الشعر والملابس
والدم والأنسجة وعينات من البول.
والسؤال
هنا كيف يمكن إجراء هذا الفحص على العناصر
المذكورة لإثبات وجود السارين فيها؟
لقد أجريت
دراسة متعمّقة لعملية استقلاب السارين
وسلوكه داخل جسم الإنسان حيث يوجد عدد من
المؤشّرات التي يبحث عنها المحقّقون عند
فحص عينات من الأنسجة، وتتوقف فائدة هذه
المؤشرات على طول المدة المنقضية بعد
التعرض للعامل وعلى طريقة دخوله إلى الجسم
(عند
استنشاقه يصل السارين بسرعة إلى الدم،
ووصوله إلى البول يحدث بعد التعرض له بعدة
ساعات).
فيما
يلي المؤشّرات التي يمكن البحث عنها.
- السارين النقي غير المتفاعل.
- أسيتيل كولينستيراز (Acetylcholinesterase) الذي يُعرف اختصاراً ب AChE، وناقل عصبي اسمه Acetylcholine، يعتبر هذا مؤشراً فقط على تشوّشِ الجهاز العصبي نتيجة تعرض مُحتمل لعامل أعصاب أو مادة لها نفس السلوك.
- حمضٌ يعرف اختصاراً بِ IMPA (isopropyl methtylphosphonic acid)، وهو أحد نواتج تفكك السارين وأحياناً يُطلق عليه ناتج التفكك بعد إقحام الماء (أي استخدام الماء في تحليل المواد الكيماوية). يُعدُّ هذا الحمضُ مؤشّرا جيداً وقد أُجريت دراسات عليه بعد اكتشاف وجوده في عيّنات من الدم والبول بعد الهجوم الذي وَقع في طوكيو، ولا يُعتقد أن هناك أسباباً أخرى غير التعرّض للسارين تقف وراء وجود هذا الحمض في عيّنات الدم.
- حمض الفوسفونيك الميثيلي (methyl phosphonic acid)، وهو ناتج آخر عن تفكك السارين لكن يمكن أن يُعزى وجوده في عينات الدم أو البول إلى أسباب مُحتملة أخرى.
- الجُزيئات الكبيرة الناتجة عن تفاعلات أخرى للسارين أو البروتين (Phosphylated tyrosine). لا يُستبعدُ اكتشافها في العيّنات كما أنها مفيدة من أجل إجراء التحقيق بعد التعرض للعامل بفترة زمنيّة أطول.
- Butyrylcholinesterase، الذي يُختصر بِ BuChE. يمكن العثور عليه في عيّنات من مصل الدم بكمية أكبر من AChE, وهذا الأخير يمكن اكتشافه بكمية أكبر في خلايا الدم الحمراء، وتتأثر المادة (BuChE) بالسارين بدرجة أقل، لكن في حال كان التعرض للسارين شديداً فقد تتأثر به ويمكن أن تكون هذه نسبة جيدة من أجل الفحص عند محاولة تقييم سِجّل التعرض للسارين باستخدام عينات تتّصفُ بسجّل توثيق رديء للمرض.
تتدهور
حالة المؤشرات المختلفة في فترات زمنية
متفاوتة بعد التعرض للسارين، وتميل المادة
الكيماوية IMPA
إلى
التحلّل والتحول إلى مادة تُدعى MPA،
وتعود مستويات AChE
إلى
وضعها الطبيعي بعد مضي ثلاثين يوماً، أما
مستويات BuChE
فتستغرق
نحوَ خمسين يوماً للعودة إلى وضعها
الطبيعي.
في حال
اُكتشف السارين في عينات من الشعر والبول
ألا يدلّ هذا على انحلال كميات صغيرة وغير
قاتلة منه خلال مدة زمنية ما؟
هذا ممكن،
أو ربّما يعود ذلك إلى التعرض لجرعة صغيرة،
ولابدّ من اجراء فحصٍ شامل للمؤشرات
الحيوية للتوصّل إلى فهم أكبر لهذا الأمر.
في حال
وجود السارين على الملابس فما مدى خطورة
ملامستها بدون ارتداء الملابس الواقية؟
ستكون
ملامستها أمراً بالغ الخطورة لكن في حال
كان السارين نقياً فسيتبخر بالسرعة ذاتها
التي يتبخر فيها الماء ولذلك قد يكون
مستوى تلوث الملابس منخفضاً، وبعض الدول
لا تهتمّ كثيراً بالأشياء القريبة من
السارين لأنها تعتقد بأن البخار لا يمكنه
أن يتكاثف على الأسطح بسهولة، أي إذا كان
الشخص قريباً من السارين فلن يُصاب بالتلوث
هو أو ملابسه مالَم يلامسه، إلا أن هذه
ليست حقيقة مُسلّم بها عالمياً.
هل يمكن
لمواد أخرى أن تعطي نتائج فحص كاذبة تدلّ
على وجود السارين؟
نعم يمكن
أن يحدث هذا عند القيام بالفحوص الطبية،
والمادتان الكيماويتان IMPA
والحامض
الأميني الذي أُضيف إليه الفسفوريل
(Phosphorylated
tyrosine) قد
يعطيان نتائج إيجابية كاذبة، وربّما
سيدُلّان على إصابة كيماوية لحقت بشخص
كان قد تعرّض للتسمم بمبيد حشري، وهنا
تكمُن أهمية الحصول على السجل الطبي للشخص
الذي أُخذِت منه العينات لتشخيص حالته.
يعتمد
التشخيص في الطب الحديث على الأعراض وعلى
تاريخ حالة المريض وتطوّرها، وهو أحد
أسباب اختلاف آراء الخُبراء بخصوص هذه
العينات، كما يحتاج هؤلاء الخبراء إلى
معرفة مجموعة الحقائق والظروف المحيطة
بالإصابة بغض النظر عن نتيجة الفحص.
في حال
لم تتّخذ مثل هذه الإجراءات والتدابير
فما الذي قد يحصل للأشخاص الذين يلامسون
الضحايا؟
يعتمد هذا
على كميّات العامل الكيماوي وعلى كيفيّة
تعرض الأشخاص له.
يمكن
علاج المصابين بالسارين بدون ارتداء
ملابس واقية وبدون أن نُصاب بأذى بعكس
علاج ضحايا التعرض للسيزيوم (CS)
حيث
ينطوي ذلك على خطر كبير قد يصيب الطاقم
الطبي بسبب صعوبة تعقيم وتنظيف عوامل
مكافحة الشغب التي تحتوي على هذه المادة
(ويوجد
شواهدُ كثيرة على هذا في الحالات المدنيّة).
كم يحتاج
السارين من الوقت ليصبح غير مؤذ ولكي
يتبدد ويتلاشى؟ وهل يستغرق ذلك دقائق أم
ساعات أم أسابيع؟
في سوريا
يستغرق الأمر دقائق أثناء النهار.
ربما كان
الهجوم الذي استهدف سراقب هو الأكثر
توثيقاً والذي قيل أنّ أسلحة كيماوية
استخدمت فيه، وتحدّثت تقارير عن قيام
مروحيات بإسقاط صناديق بداخلها علب مملوءة
بمسحوق أبيض مائل إلى السُمرة، وأنّ هذه
العلب سَقطت على موقعين أحدهما قرب طريق
حيث لم يُبلّغ عن وقوع ضحايا، والعلبة
الأخرى سقطت في فناء منزل تسكنه أسرة.
كما
وَرد في التقارير أنّ أحد أفراد الأسرة
دخل إلى الفناء مباشرة بعد الهجوم وانهار
على الفور وفارق الحياة في وقت لاحق.
وبعد
دخول الضحية الأولى للفناء بوقت قصير دخل
مزيد من أفراد الأسرة إلى الفناء ذاته
وأصيبوا بالإعياء حيث ذكرت تقارير إصابة
ما بين 11
إلى
13
شخص
إضافةً إلى الشخص الذي توفي والذي سبق
ذكره.
وقد
التُقط شريط بعد الهجوم بفترة قصيرة وذلك
قرب الطريق الذي استُهدف بالهجوم ويظهر
في الشريط أطفال يلعبون قرب ما تبقّى من
المسحوق الأبيض المائل إلى السمرة ولم
يظهر عليهم آثار إصابة بالعامل الكيماوي
(للاطلاع
على المزيد بهذا الخصوص انقر هنا).
والسؤال
هو هل سيكون هذا السيناريو مطابقاً لما
تتوقعُ أن يحدث في حال استُخدم السارين
في الهجوم؟
لا أعتقد
ذلك في الواقع لأن استخدام المسحوق هو
أمر غير مألوف كما أن نسبة الوفيات منخفضة
جداً.
ما احتمالية
أن يُصاب الطاقم الطبي بالتلوث بالسارين
في حال استخدم هذا العامل الكيماوي في
الهجوم حيث ظهر في الأشرطة المصوّرة أنّ
هذه الطواقم لا ترتدِ ملابس واقية، وكم
من الوقت سَيمرّ قبل أن يُصاب هؤلاء؟
يتوقف هذا
على ما إذا كان الأشخاص أصيبوا بمستوى
عالٍ جداُ من التلوث.
ربما
يكونوا قد استنشقوا السارين فَحَسبْ،
وتعتمد سرعة سَريان مفعول السارين على
الطاقم الطبي -في
حال انتقل التلوث إليهم-على
مستوى هذا التلوث، ففي حال كان منخفضاً
قد لا يُلاحظ أحد تأثيرات عليهم نظراً
لحالة الهَلَع العام التي ترافق اسعاف
المصاب وعلاجه، لكن في حال كانت نسبة
التلوث مرتفعة فسيستغرق تأثر الطاقم
الطبي دقائق، إلا أن وجود شخص مصاب تحت
العلاج وليس جثّة يوحي بأن مستوى التلوث
كان منخفضاً أو أن العامل الكيماوي لم
يكن قاتلاً، ولا ننسى أن السارين يسبب
الموت السريع.
يظهر في
شريط مصوّر سيارة متوقفة وبداخلها ضحية
واحدة على الأقل.
لو
كان هذا هجوماً بالسارين فما مدى احتمال
أن تتلوث السيارة من الداخل؟ وفي حال كانت
الضحية داخل السيارة مصابةّ بالسارين
فهل يؤثّر ذلك على الركاب الأخرين؟
السيارات
والمَركبات في سورية ليست محكمة الإغلاق
أو السد ويمكن للهواء أن يدخل ويخرج منها،
وفي حال استنشق الشخص الراكب في السيارة
السارين فلا أجد هذا سبباً مقنعاً لتلوث
السيارة تلوثاً شديداً، وقد يَزفُرُ
المريض بعض الهواء الملوث (مثلما
يحدث عند الانتحار بتناول السيانيد).
أفترض
البعض أنّ مزيجاً مخففاً من السارين ومواد
أخرى قد استُخدمت في الهجوم.
في
حال صحّ ذلك فهل ستتغيرّ أجوبتك السابقة
تغيّراً كبيراً؟
لا لن تتغيّر
كثيراً، إلا في حال أمْكَنَ صنع مسحوق
بالاستعانة بمادة أخرى.
لاحظتُ
أنّ العُلب التي عُثر عليها في موقعي
الهجومين مطابقة للعُلب التي عُثر عليها
بعد هجوم استهدف حي الشيخ مقصود في حلب،
حيث زُعم أنها ألقِيَت من مروحية وانتشرت
صور تظهر فيها بقايا العلب مغطاة بمسحوق
أبيض مائل للسُمرة.
كما نُشرتْ
صور لعُلبٍ في مخزن للأسلحة قيل أنّ
المعارضة المسلّحة غًنِمتها من الجيش
النظامي حيث كانت هذه العلب مطابقة من
حيث التصميم للعلب المذكورة سابقاً.
وقد
أطلعَ صحفي يعمل في سوريا عدّة مجموعات
مسلحة على صورة لهذه العلبة حيث قالت كثير
من هذه المجموعات أنها سبقَ وشاهدتها في
حوزة مقاتلي المعارضة الذين قالوا إنهم
غَنموها من الجيش النظامي.
والتُقطت
صور لنوع آخر من القنابل لها الصاعق ذاته
وقد قِيل للمصور حينها أنّها قنبلة دخانية
عادية.
ونُشر
شريط التُقط في سراقب خلال الهجوم ويظهر
فيه ما قيل أنّها عبوات تتساقط من السماء
ويظهر في الشريط هذه العلب وهي تطلق دخاناً
أو غازاً أبيضاً، كما كانت تُصدر ضوءً،
ويبدو في الشريط أن العلب تحمل علامات
ضرر ناتج عن الحرارة حول فتحات ممتدة على
طول جسم العلبة.
لو أخذنا
بعين الاعتبار المعلومات الكثيرة التي
تمّ جمعها بخصوص هذه القنابل (العُلب)،
فهل هناك احتمال أنها احتوت على السارين؟
لا يوجد
احتمال كهذا، يبدو هذا أشبه بعامل WP
أو
CS.
هل من
الممكن احتواء هذه القنابل على مادة أخرى
قادرة على أن تسبّب الأعراض التي ظهرت
على ضحايا الهجوم؟
داخلَ
القنابل؟ يبدو هذا أمراً غير مألوف، ومزجُ
السارين السائل مع عامل مكافحة الشغب
مثلاً وتحويلهما إلى محلول سيكون أمراً
بالغ الخطورة لأن من شأن هذا العملية
التأثير في استقرار العامل.
هل يمكن
لأحد هذه المواد إعطاء نتيجة فحص إيجابية
كاذبة بوجود السارين؟
ليس إلى حد
التسبب بالوفاة وليس بناءً على نتائج
الفحص الطبي.
هل يُعقَل
أن تكون محتويات هذه القنبلة قد أفرِغتْ
واستُبدلت بالسارين؟
هذا أمر
مُحتمل.
خان العسل:
زعمت
الحكومة الروسية بأن المعارضة السورية
تقف وراء الهجوم الذي استهدف بلدة خان
العسل مستخدمةً صاروخاً محلي الصنع يحمل
شحنة من السارين.
باعتقادك
كيف يتمّ تثبيت رأس كيماوي حربي بصاروخ
محليّ الصنع؟
ليس من
الصعب صنع الأدوات البسيطة، وقد جَرَت
فيما مضى عملية إزالة المتفجرات أو أيّة
شحنة أخرى ووُضعَ السائل في مكانها،
ويتطلّب هذا ارتداء ملابس واقية وستكون
عملية تعبئة السائل عملية خطيرة، لكن قد
تتأثر دقة التصويب تأثراً كبيراً (في
حال استخدام صاروخ)
وكذلك
الأمر بالنسبة لأداء الصواريخ وفقاُ
لوزنها.
لن
أخوض كثيراُ في تفاصيل كيفية القيام بهذا
الأمر خِشية تقديم أفكار أو طرقاً لصنع
سلاح كيميائي، لكن الذخائر الكيماوية
كانت بسيطة جداً في بداياتها.
فيما
يتعلّق بادعاء الحكومة الروسية أنّ
صاروخاً محلي الصنع استُخدم في الهجوم،
فما هي الطريقة الأمثل لإطلاق السارين
وجعله ينتشر حال وصول الصاروخ إلى هدفه؟
الانفجار
في الجو والانبعاث عند مستوى الأرض هما
طريقتان تمّ تجريبهما باستخدام الذخائر
الحربية، إلا أنها تحتاج لصواعق معقّدة
نوعاً ما، ففي حال تم استهداف أهداف صُلبة
بهذه الذخائر فسينطلق السارين بمجرد حدوث
اصطدام بسيط، بينما سيؤدي ارتطام القذيفة
بالأرض الترابية إلى انغماس حشوة القذيفة
عميقاً في الأرض.
كما في
الهجمات الكيماوية المزعومة الأخرى،
ظهرت الطواقم الطبية وهي لا ترتدي ملابس
واقية.
هل
سيؤدي هذا إلى إصابة الطاقم الطبّي
بالسارين في حال استخدم في الهجوم؟
لا ليس
بالضرورة، راجع ما سَبق.
No comments:
Post a Comment