Monday 30 September 2013

أدلّة على استخدام الجيش السوري للصواريخ المرتبطة بهجمات السارين في الحادي والعشرين من آب/أغسطس

نَشرتْ الأمم المتحدة تقريراً خاصاً بهجمات السارين التي وقعت في الحادي والعشرين من آب/أغسطس، وقد أكّد التقرير استخدام صواريخ مجهولة في الهجوم (يمكن قراءة المزيد عن هذه الصواريخ في هذا الرابط)، وبعد نشر التقرير دار جدل واسع حول ما إذا كان الجيش النظامي يمتلك هذ الصواريخ أم لا. وقد نشر ناشطو المعارضة عدة أشرطة مصوّرة لهذه الصواريخ ورافقها دائماً مزاعم بأن القوات الحكومية هي من أطلقها. بعد معاينة هذه الأشرطة تمكنتُ من تحديد نوعين على الأقل من هذه الصواريخ، أحدهما مرتبط بهجمات السارين في الحادي والعشرين من آب/أغسطس وبهجمات كيماوية مزعومة أخرى، والنوع الآخر يمكن وصفه بصاروخ ذو رأس حربي شديد الانفجار.

التُقط الشريط التالي في مدينة داريّا الواقعة غربي العاصمة دمشق ونُشر في التاسع والعشرين من شهر كانون الأول/ديسمبر 2012 وقد استخدمه المدوّن @hesbol في منشور سعى فيه إلى تحديد مدى الصواريخ المجهولة التي يعتقد أنها استخدمت في الهجمات الكيماوية، ويَظهر في الشريط أحد الصواريخ المجهولة من النوع ذو الرأس الشديد الانفجار لحظة إطلاقه وانفجاره.

 
يمكن رؤية الحواف الخارجية للصاروخ بوضوح أثناء تتبع الكاميرا له.


زُعم في الشريط أن الصاروخ أطلِقَ من مطار المزّة العسكري، وفي الحقيقة يمكننا التحقق من صحّة هذا الزعم حيث نرى عملية الإطلاق في بداية الشريط كما نرى الخطوط الخارجية للهضاب خلف الصاروخ.


نستطيع تحديد اتجاه الكاميرا التي استُخدمت لالتقاط الشريط باستخدام برنامج Google Earth حيث يظهر أنها كانت باتجاه الشمال من داريّا، أي باتجاه مطار المزّة، ومن الواضح أن تضاريس المنطقة تطابق ما نشاهده في الشريط.


إن البناء الواقع في أعلى الهضبة هو مقر الفرقة الرابعة التي يترأسها ماهر الأسد ويمكن مشاهدته هنا في موقع Wikimapia، وقد نشر معهد دراسة الحروب (Institute for the Study of War) تقريراً يعاين فيه الوضع العسكري في دمشق في كانون الأول/ديسمبر 2012 وورد فيه أن المنطقة الواقعة شمال مدينة داريّا بما فيها مطار المزّة والفرقة الرابعة إلى الشمال منه تقع تحت سيطرة الجيش السوري. من خلال الشريط السابق نرى أن الصاروخ المجهول قد أطلق من قِبل القوات الحكومية، وما سبق لا يُظهر أن القوات الحكومية تستخدم هذه الصواريخ فحسب، بل يُظهر أيضاً أنها تستخدمها منذ شهر كانون الأول/ديسمبر 2012.

يمكن قراءة المزيد عن موضوع هجمات الحادي والعشرين من آب/أغسطس في هذا الرابط، كما يحوي هذا الرابط منشورات عن موضوع الأسلحة الكيماوية في سورية بما فيها مقابلات ثرية بالمعلومات أجريتها مع خبراء الأسلحة الكيماوية.

Wednesday 25 September 2013

الهجوم الكيماوي في سوريا – الإصرار على أن القذيفة ذات العيار 140 ملم تشكّل إدانة للمعارضة (وعن أهمية عيار القذائف لتحديد المسؤول عن الهجوم)

أصدرت الأمم المتحدة تقريراً عن الهجوم الكيماوي الذي وقع في الحادي والعشرين من شهر آب/أغسطس قرب دمشق والذي استُخدم فيه عامل السارين، ويتحدث التقرير عن استخدام نوعين من الأسلحة في الهجوم وهما قذيفة مدفع من نوع M14 وعيار 140 ملم وصواريخ مجهولة لم يسبق لأحد أن رآها من قبل، وبعد صدور التقرير تعدّدت المزاعم حول الجهة التي تقف وراء الهجوم، فنَشرَت صحيفة النيويورك تايمز تقريراً لخّصت فيه عدداً من المعلومات الأساسية التي تشير إلى مسؤولية القوات الحكومية عن الهجوم, أما من ناحيتي فقد سبق لي وقلت أني لم أرى أياً من هذين السلاحين الذي استخدما في الهجوم بحوزة قوات المعارضة, ورداً على تصريحي هذا زعمَ عدد من الأشخاص والمنظمات أن المعارضة السورية تمتلك بالفعل قذائف مدفعية من عيار 140 ملم والمذكورة آنفاً، والتقرير التالي الذي نشره موقع Press TV بعنوان "خمسة أكاذيب استُخدمت لفبركة التقرير الأممي بخصوص سورية" هو أحد الأمثلة عن هذه المزاعم, وقد وردَ فيه ما يلي:

"أطلِقتْ العوامل الكيماوية بواسطة أسلحة لا تستخدمها قوات التمرد: إن هذا الادعاء مأخوذ عن أحد المراقبين للوضع في سوريا واسمه إليوت هيغينز (Eliot Higgins) ويُعرف أيضاً ببراون موزيس (Brown Moses) وهو مدون يعيش في بريطانيا ويعمل على مراقبة الأزمة السورية وتوثيق الأسلحة المستخدمة في الصراع الدائر فيها ويكتب عنها في مدوّنته.
يقول هيغينز أنه لم يشاهد هذه الصواريخ ذات العيار الكبير (140 ملم و330 ملم) بحوزة الإرهابيين الذين يقاتلون داخل سورية وعلى حدودها، إلا أن منشوراته السابقة يظهر فيها صواريخ وقذائف بحوزة الجماعات المسلحة مشابهة من حيث الشكل وطريقة الاستخدام لكلا السلاحين المذكورين لكنها أصغر حجماً."

بغض النظر عما يتوفر لكاتب التقارير من دِراية في هذه المجال، إلا أن لعيار القذائف هنا أهمية خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتعرف على الأسلحة والذخائر وتحديد نوعها، وليس لدي شكٌ بأن الكاتب يشير في كلامه إلى الأشرطة المصوّرة التي تُستخدم مؤخراً لإثبات أنّ المعارضة تمتلك قذائف مدفعية من عيار 140 ملم، وفيما يلي مثالين عن هذه الأشرطة الّلذان أرسِلا إلي:



استُخدم هذان الشريطان ومثيلاتهما من قِبل البعض كدليل على احتمال أن تكون المعارضة قد أطلقت قذائف ذات عيار 140 ملم، لكن المشكلة في هذه الفرضية أن الراجمتين الظاهرتين في الشريط لا يتم استخدامهما لإطلاق القذائف من عيار 140 ملم، حيث يظهر في الشريط الأول في الأعلى راجمة صواريخ متعددة من نوع Type-63 التي تطلق صواريخ من عيار 107 ملم، وأما الشريط الآخر فيعرض راجمة الصواريخ الكرواتية المتعددة من نوع RAK-12 التي تطلق صواريخ من عيار 128 ملم، كما أن الأشرطة المصوّرة التي تنشرها المعارضة تعرض عدداً من راجمات الصواريخ المحلية الصنع لكني لم أشاهد قط أيّة دليل على استخدام هذه الراجمات لإطلاق قذائف من عيار 140 ملم. إن أكثر ما يميّز هذه القذائف عن غيرها هو عدد الفوّهات في مؤخرها حيث يبلغ عددها 10 فوهات على خلاف الكثير من الأنواع الأخرى مما يسهّل من عملية تمييزها عن غيرها من القذائف أو الصواريخ، وبالرغم من كل ما سبق لا أستبعد وجود دليل يثبت صحة هذه الفرضية، ولو توفر الدليل أرجو أن أطلّع عليه.

إن زعم امتلاك المعارضة للقذائف من عيار 140 ملم لمجرد أنها تمتلك صواريخ وقذائف من عيار 107 ملم و128 ملم هو أمر غير منطقي تماماً، ويجدر التنويه إلى أن راجمة الصواريخ من نوع BM-14 تبدو مختلفة كلياً عن الراجمات التي رأيناه في الأشرطة السابقة، والاختلاف الرئيسي هو وجود أربع مواسير إضافية كما هو واضح في الصورة.



يمكن ملاحظة الفرق بسهولة.

الشريط التالي الذي نُشر قبل إعداد تقرير Press TV يستحق المشاهدة فهو يتحدث عن الأسلحة المستخدمة في الهجوم الكيماوي وخصواً القذيفة من نوع M14 وعيار 140 ملم.


أنصح على وجه الخصوص بمشاهدة الجزء من الشريط الذي يتحدث عن العلامة "179" الموجودة على بقايا القذيفة التي عُثر عليها قرب دمشق، وتحديداً من الدقيقة 6:18 وما بعد حيث يَذكر الشريط أن هذه القذيفة تعود إلى حقبة الاتحاد السوفييتي السابق، كما يمكن الاطلاع على المزيد من التفاصيل بخصوص هذه القذيفة في سيبيريا في هذا الرابط.

لقراءة المزيد عن موضوع هجمات الحادي والعشرين من شهر آب/أغسطس قم بزيارة هذا الرابط، كما أن هذا الرابط يحوي منشورات أخرى تتحدث عن الأسلحة الكيماوية وعن سورية بما في ذلك مقابلات ثرية بالمعلومات أجريتُها مع خبراء في الأسلحة الكيماوية.

Monday 23 September 2013

من يقف وراء الهجوم بالأسلحة الكيماوية الذي وقع في الحادي وعشرين من شهر آب/أغسطس؟

في ضوء تقرير الأمم المتحدة الذي صدر منذ بضعة أيام والذي أكد استخدام السارين في هجمات الحادي والعشرين من شهر آب/أغسطس قرب دمشق خطر ببالي أن ألقي نظرة على الأدلة التي تقدمها المصادر المفتوحة لتحديد الجهة التي تقف وراء هذه الهجمات، والأدلة التي سأدرسها باستطاعة أي شخص دراستها على اعتبار أنها متوفرة مجاناً، ولن أعتمد على الأدلة التي قد تكون سفن التجسس الألمانية جمعتها أم لم تجمعها، ولا على التقارير الاستخباراتية التي يُقال أنها تحوي أدلة على استخدام السارين في الهجوم لكنها في الحقيقة لا تعرضها لنا. وأكرر القول هنا أن الأدلة لا ترقى إلى مستوى البرهان الدامغ، وبالتالي يعود الأمر إلى القارئ ليقرر إن كانت هذه المعلومات تثبت تورط أحد طرفي الصراع في الهجوم.

ارتبط نوعان من الأسلحة بالهجوم وهي قذيفة مدفعية من نوع M14 وعيار 140 ملم، وصاروخ مجهول سبق لي الحديث عنه.

قذيفة مدفعية من نوع M14 وعيار 140 ملم
الصاروخ المجهول الذي ارتبط بالهجوم الكيماوي المزعوم
توصّل فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة إلى أن هذين السلاحين قد استخدما في الهجمات الكيماوية، إلا أن السؤال الذي يحتاج الإجابة عليه هو من استخدم هذه الأسلحة؟ في الحقيقة لم يسبق لي رؤية هذين السلاحين في أيدي قوات المعارضة السورية على مدى الثمانية عشر شهراً التي أمضيتها في مراقبة وتتبع الأسلحة والذخائر المستخدمة في الصراع الدائر، ولا أنفي امتلاك المعارضة سلاح المدفعية الصاروخية كراجمة الصواريخ المتعددة من نوع Type-63 من عيار 107 ملم، والراجمة الكرواتية من نوع RAK-12 وعيار 128 ملم، لكنّي لم أرى أية إشارات تدل على وجود أنظمة راجمات من عيار 140 ملم في أيدي المعارضة (كراجمة BM-14) التي تُستخدم لإطلاق قذيفة مدفع من نوع M14. يمكن الاطلاع على مزيد من التفاصيل عن القذيفة من نوع M14 ومنشأها في هذا الشريط الذي أعده معهد الخدمات الملكي المتّحد للدفاع والدراسات الأمنية (RUSI).


حتى اللحظة لا يوجد أي دليل على امتلاك المعارضة للصواريخ المجهولة أو للقذائف من نوع M14 أو أنها استخدمتها.

منذ شهر كانون الثاني/يناير 2013 ونشطاء المعارضة ينشرون صوراً وأشرطة تظهر فيها هذه الصواريخ المجهولة، ورافق معظم هذه الصور مزاعم بأن القوات الحكومية هي من استخدمت هذه الصواريخ، غير أن الشريط الأول الذي التقط في مدينة داريا غربي دمشق في الرابع من كانون الثاني/يناير 2013 لم يرافقه أية مزاعم باستخدام أسلحة كيماوية، وبعد دراسة هذه الصواريخ طيلة الأسابيع الثلاثة الماضية توصلت إلى أن هناك نوعين منها على الأقل، أحدهما ارتبط بهجوم الحادي والعشرين من شهر آب/أغسطس وبهجمات كيماوية مزعومة أخرى وقعت من قبل, أما النوع الآخر فهو صاروخ شديد الانفجار سبق لي وتحدثت عنه في هذا المنشور.

من الجدير بالذكر أنه هذه الصواريخ المجهولة المرتبطة بالهجمات الكيماوية المزعومة قد تم توثيق استخدامها في هجوم كيماوي آخر على الأقل وذلك في مدينة عدرا قرب دمشق في الخامس من شهر آب/أغسطس، ويمكن للقارئ الاطلاع على مزيد من التفاصيل في هذا المنشور، ويُظهر شريط آخر التُقط في عدرا أيضاً في الحادي عشر من شهر حزيران/يونيو بقايا أحد هذه الصواريخ المجهولة الذي وُصف حينها بأنه "صاروخ كيماوي" إلا أنه لم يتم ربط هذه الصاروخ بهجوم كيماوي محدد، وبالنظر إلى ما قدمه تقرير الأمم المتحدة من معلومات بخصوص الهجوم الكيماوي في الغوطة أجد من الضروري إعادة دراسة بعض المزاعم السابقة عن هجمات كيماوية وقعت في سورية.

إن أحد الأمور التي ينبغي التشديد عليها هي أن الصواريخ المجهولة المرتبطة بالهجمات الكيماوية المزعومة هي صواريخ لم يسبق وشوهدت في أية صراع آخر وما يزال مصدرها مجهولاً حتى الآن مما دفع البعض إلى القول بأنها من صنع المعارضة، ويظهر في أحد الأشرطة التي انتشرت مؤخرا على نطاق واسع ما قيل إنها أسلحة كيماوية استخدمتها المعارضة، وحتى أن أخرين زعموا أن هذا السلاح هو الصاروخ المجهول الذي سبق ذكره رغم أن شكله مختلف تماماً.


إن السلاح الظاهر في الشريط السابق هو مدفع يطلق عليه اسم "مدفع جهنم" وهو نوع من أسلحة الهاون الشائعة تستخدمه المعارضة المسلحة، وقد تحدثت عنه بالتفصيل في منشور سابق وشرحت لماذا لا يمكن اعتباره سلاحاً كيماوياً كما يزعم البعض، إلا أن هناك نقطة أخرى في هذا المدفع أود تسليط الضوء عليها وعلى علاقتها بالصواريخ المجهولة المرتبطة بالهجوم الكيماوي المزعوم.

سبق لي وذكرت أن البعض زعموا أن الصواريخ المجهولة المرتبطة بالهجوم الكيماوي قد تكون صواريخ محلية الصنع صنعتها المعارضة، لكن بعد دراسة بنية كلا السلاحين وتركيبتهما نرى أن هناك اختلافاً كبيراً بينهما من حيث جودة الصنع وتعقيده.

عندما ظهر "مدفع جهنم" لأول مرة في أيار/مايو 2013 رافق ذلك نشر الشريط الترويجي التالي الذي يُظهر عملية التصنيع:


نرى في الشريط منصة الإطلاق وهي الجزء الأكثر تعقيداً نوعاً ما في هذا السلاح، أما القذيفة فهي عبارة عن أسطوانة غاز منزلية تم وصلها بعمود معدني يحوي جنيحات تعمل كمروحة للقذيفة، ثم تلا ذلك ملء الرأس الحربي-أي أسطوانة الغاز-بمتفجرات مصنوعة من الأسمدة ثم زُوّد الرأس بصاعق بسيط ينفجر عند الاصطدام. أما منصة الإطلاق فهي بسيطة وتتألف من أنبوب هاون صُمّم بطريقة تمنح السلاح ثباتاً وتوازناً، ويمكن مشاهدة عملية انتاج القذيفة الخاصة "بمدفع جهنم" في الشريط التالي الذي نُشر في الخامس من شهر آب/أغسطس.


نلاحظ في الشريط السابق إجراء بعض التحسينات على تصميم السلاح حيث أصبحت مروحة الذيل قابلة للتمدد، كما نرى عملية صنع عدد كبير من القذائف، ولو كانت هذه القذائف أسلحة كيماوية للاحظ البعض ذلك بسهولة، ويظهر في الشريط كم هو بسيط تصميم هذه القذائف كما هو الحال بالنسبة لجميع الأسلحة التي تصنعها المعارضة.

قمتُ في الأسابيع الثلاثة الماضية بجمع صور مفصّلة للصواريخ المجهولة المرتبطة بالهجمات الكيماوية المزعومة وحاولت فهم كيف صُنعت هذه الصواريخ وكيف تعمل، ومن الواضح أنها أكثر من مجرد خزان (أو برميل) صغير مثبت بصاروخ، وقد اشتمل التقرير الذي أعدّته منظمة هيومن رايتس ووتش (HRW) عن هجوم الحادي والعشرين من شهر آب/أغسطس على رسم بياني للصواريخ المجهولة الي يُزعم أنها استخدمت في الهجوم وقد ساهمت في إعداد هذا الرسم:


هناك الكثير من التفاصيل التي تشير إلى أن هذا الصاروخ أكثر تعقيداً من أسطوانة الغاز المثبتة على عمود معدني، فمثلاً يظهر هذا التعقيد في الطريقة التي صُمم بها الصاروخ، وهناك أدلة ومؤشرات على ذلك في الأشرطة والصور الكثيرة التي تَظهر فيها بقايا هذا الصاروخ. التقطت الصور التالية لأربعة صواريخ مجهولة مختلفة ويظهر فيها بقايا الغلاف الخارجي للرأس الحربي:


نلاحظ أن جميع الصواريخ تقريباً قد تم فلقها (أو صدعها) بنفس الطريقة تماماً، وهذا الشق (أو الصدع) موجود على طول الرأس الحربي ويبدو أن الهدف منه إضعاف الرأس الحربي لكي ينفتح وفقاً لهذا الشق وينطلق منه العامل الكيماوي، ولدينا مثال آخر يدل على أن هذه الصواريخ أكثر تعقيداً من "مدفع جهنم" والمثال هو الصاروخ نفسه كما هو واضح في الشريط التالي الذي يَظهر فيه أحد الصواريخ المجهولة من النوع الشديد الانفجار، حيث نرى أنه تم تصنيع غلاف الصاروخ بشكل منفصل بحيث يغلف الصاروخ بإحكام وأضيفت له أدوات تثبيت في طرفه لكي يتم وصله بالرأس الحربي بإحكام (لاحظ ذلك في الثانية 40 وما بعد في الشريط التالي).


ما رأيناه هو مثالين فقط عن نوعية أو كيفية تصميم هذه الصواريخ المجهولة حيث يتضح أنها أكثر تعقيداً من الأسلحة التي تصنعها المعارضة بنفسها مما يوحي بقوة بأنها من صنع الجيش النظامي أو أحد حلفائه. يمكن معاينة هذه الصواريخ بشكل أكثر تفصيلاً في هذا المنشور.

نُشر عدد من الصور والأشرطة التي يظهر فيها الأسلحة التي تستخدمها القوات الحكومية، ويظهر في الشريط التالي ما يبدو أنه نسخة أكبر حجماً من هذا الصاروخ المجهول أثناء تجهيزه وتحميله في منصة الإطلاق وأثناء عملية إطلاقه.


نرى في الشريط التالي ما قيل إنه عملية إطلاق أحد هذه الصواريخ المجهولة من محطة قطارات في حي القدم الدمشقي الذي يخضع لسيطرة القوات الحكومية.


ويَظهر بوضوح في الصور التالية المأخوذة من الشريط أن الصورة الجانبية للصاروخ تطابق نظيرتها في الصواريخ المجهولة.


أما هذه الصورة فيظهر فيها أحد الصواريخ المجهولة وهو محمّل في راجمة صواريخ وصفها خبير الأسلحة Nic Jenzen-Jones بأنها من نوع "فلق-2" وهي إيرانية الصنع، ويبدو أن المركبة التي ثُبتَت عليها الراجمة هي ذات المركبة الظاهرة في الصور الملتقطة في تشرين الثاني/نوفمبر 2012.


لقد تم تحديد الموقع الذي أطلقت منه أحد هذه الصواريخ بدقة واستنتجت مع عدد من الخبراء والمحققين أن الصاروخ أطلق من جهة الشمال حيث تقع القاعدة الصاروخية الخاصة باللواء 155 ومن مواقع أخرى شبيهة (يمكن الاطلاع عليها بشكل مفصل في هذا المنشور).

إن ما سبق يدل على أن القوات الحكومية كان بقدورها شن هذا الهجوم خصوصاً أنها سبق لها واستخدمت هذه الصواريخ المجهولة من قبل، أما بخصوص ما يقال عن ضلوع المعارضة في الهجوم فلا يوجد أدلة ملموسة تثبت ذلك، أضف إلى ذلك المزاعم التي تقول بأن الهجوم مُفبرك أو تلك التي تقول بأن الضحايا كانوا رهائن من الطائفة العلوية تم إحضارهم من مدينة اللاذقية إلى الغوطة بعد قطع مئات الأميال من المناطق التي إما تخضع لسيطرة الحكومة السورية أو تعتبر مناطق متنازع عليها, وهناك مزاعم بأن الهجوم وقع نتيجة حادث عرضي حيث انفجرت أسلحة كيماوية حصلت عليها المعارضة السورية عن طريق المملكة العربية السعودية, إلا أن صاحب هذه المزاعم لم يفسر لنا كيف لحادث من هذا النوع أن يؤثر في منطقتين منفصلتين تبعدان عن بعضهما عشرات الكيلو مترات, وزُعم أيضاً أن المعارضة السورية تمتلك السارين استناداً إلى تقارير من تركيا حيث وَردَت تقارير في أيار/مايو الماضي عن اعتقال أفراد من جبهة النصرة وبحوزتهم السارين, لكن تبين لاحقاً أن ما بحوزتهم كان مانع تجمد, وتتم الآن محاكمة بعض أفراد المجموعة على خلفية محاولتهم صنع السارين حيث ضبطت بحوزتهم قائمة تَسوّق تحوي المكوّنات التي يصنع منها السارين وليس السارين بحد ذاته. يبدو لي أن الأدلة على وقوف المعارضة وراء الهجوم هي أدلة واهية مقارنة بالأدلة التي تشير إلى مسؤولية القوات الحكومية عنه.

يمكن قراءة المزيد عن موضوع هجمات الحادي والعشرين من آب/أغسطس في هذا المنشور، كما يمكن قراءة المزيد عن الأسلحة الكيماوية في سوريا في هذا المنشور الذي يحوي أيضاُ مقابلات غنية بالمعلومات المفيدة أجريتها مع خبراء الأسلحة الكيماوية.

Saturday 14 September 2013

ملخص مفصّل للأدلّة المتعلقة بالصواريخ التي يُزعم أنها استخدمت في هجمات الحادي والعشرين من شهر آب/ أغسطس

منذ وقوع الهجوم المزعوم بالأسلحة الكيماوية قرب دمشق وأنا أعمل على جمع أكبر قدر من الأدلة المتعلقة بهذا الهجوم ونشرها في صفحات مدوّنتي على شبكة الانترنت، وأهدف في هذا المنشور إلى تلخيص الأدلة التي جمعتها حتى اللحظة وإلى النظر في بعض المزاعم المتعلقة بالهجوم، وأتمنى أن تحوي التعليقات أسفل المنشور نقاشاً بنّاءً، ولا ننسى أن هذه الأدلة لا يمكن اعتبارها برهاناً دامغاً عندما نناقش هذه المعلومات.

ماهي الصواريخ التي استُخدمت في الهجوم؟

إن الأسلحة التي تُستخدم في الهجمات الكيماوية تكون مصممّة لنشر العامل الكيماوي وجعله يتناثر، ولا تُعتبر الانفجارات القوية الطريقة المُثلى عند استخدام العوامل الكيماوية بسبب حساسية هذه العوامل للحرارة ممّا يؤدي إلى إتلاف العامل الكيماوي، وفي الكثير من الأحيان يتم استخدام شحنة متفجرة صغيرة لجعل العامل الكيماوي يتناثر وينتشر، ويعني هذا أن هناك فرصة كبيرة للعثور على بقايا الأسلحة المستخدمة بعد أي هجوم بالأسلحة الكيماوية.

قذيفة مدفعية من نوع M14 وعيار 140 ملم
وثّق الناشطون قرب دمشق بقايا نوعين فقط من الأسلحة منذ وقوع الهجوم الكيماوي، السلاح الأول هو قذيفة مدفعية من نوع M14 وعيار 140 ملم تم إطلاقها من راجمة BM-14 المتعددة (وأنواع مُتفرّعة عنها) وقد صوّرها الناشطون في مدينة معضميّة الشام قرب دمشق، ويظهر المحققّون التابعون للأمم المتحدة في الشريط المصور وهم يأخذون قياسات القذيفة وعيّنات منها. ويبدو أنه لم يلحق ضرر كبير ببقايا هذه القذيفة، إلا أنه لم يتم العثور على الرأس الحربي والقطعة الواصلة الخاصة بهذه القذيفة، وقد يكون لهذا الأمر دلالته لأن رأساً حربياً واحداً قادر على حمل 2,2 كغ من السارين، إلا أنه يمكن كذلك تزويد هذه القذيفة برأس حربي دخاني. قد يكون التقرير الذي سيقدمه المحققون الأممّيون هو الوحيد القادر على تحديد إذا ما تم تزويد هذين النوعين من الأسلحة بعوامل كيماوية. وثّق الناشطون قذيفة واحدة فقط من هذا النوع من الأسلحة ونشروها على الانترنت لكن لا نعرف إن كان هناك المزيد منها في المواقع التي تعرضت للهجوم، ويمكن التعرف أكثر على هذه القذيفة (M14) من خلال البحث الذي أجريته في هذا الرابط.



في الصورة في الأعلى نرى السلاح الثاني المرتبط بالهجوم الكيماوي المزعوم وهو صاروخ غير قياسي لم يتم التعرف عليه حتى هذه اللحظة، وما يثير الاهتمام هنا بخصوص هذا الصاروخ هو أنه مرتبط بالصراع في سوريا فقط دون غيره، وقد تحدثت مع عدد من الخبراء في مجالي الأسلحة التقليدية والكيماوية بشأنه لكنهن لم يستطيعوا التعرف عليه أو تحديد نوعه.

هناك خيطان أساسيان يمكن الإمساك بهما لفهم هذا الصاروخ المرتبط بالهجمات الكيماوية المزعومة في سوريا وهما معرفة ماهية الصاروخ وتتبع استخدامه في الصراع حتى اللحظة.

حاولتُ مع عدد من خبراء الأسلحة التقليدية والكيماوية تركيب صورة لهذا الصاروخ لفهمه بشكل أكبر، ويبدو أن هناك نوعين على الأقل منه، الأول مزوّد برأس حربي شديد التفجر والآخر مزود بحشوة غير متفجرة مجهولة يُزعم أنها استخدمت في الهجمات الكيماوية المزعومة.

حسب اعتقادك لماذا يوجد هناك نوعان من هذا الصاروخ المجهول المرتبط بالهجمات الكيماوية المزعومة؟

لقد نُشر عدد من الأشرطة المصورة التي يظهر فيها هذا الصاروخ (يمكن مشاهدتها هنا)، ومن أبرزها شريطان مصوران الأول التقط في حي الخالدية بحمص في الثاني من شهر آب/أغسطس والتقط الثاني في مخيم السبينة في دمشق في 29 آب/ أغسطس. في كلا الشريطين نرى أن الرأس الحربي الذي مُلأ بمسحوق أصفر شديد الانفجار لم ينفجر، كما نرى أن كلا الرأسين يحملان أرقاماً سوداء متشابهة، ونرى ثقباً واحداً في الصفيحة المعدنية الواقعة أسفل الرأس الحربي والذي قد يساعدنا في التعرف على الصاروخ ذو الحشوة المجهولة.



أكرّر القول إن الرأس الحربي المتفجر عادةً ما يُلحق ضرراً كبيراً بالصاروخ، ونرى في الأشرطة المصورة السابقة أن هناك كمية كبيرة من المتفجرات داخل هذه الصواريخ وبالتالي يُرجح أن تكون بقاياها بالغة الصغر بعد أن تنفجر.

سنلقي الآن نظرة على صور الصاروخ ذو الحشوة المجهولة التي وقعت في 21 آب/ أغسطس.




يظهر من خلال الصور أن ضرراً طفيفاً لحق بهذه الصواريخ ممّا يوحي بعدم وقوع انفجار كالذي تحدثه المتفجرات القوية، وقد رأينا الأثر الذي تخلفه هذه المتفجرات القوية في الأشرطة التي يظهر فيها الصاروخ ذو الرأس الحربي شديد الانفجار. نرى من خلال الصور الملتقطة للصواريخ ذات الحشوة المجهولة أن الجزء الذي يقع فيه الرأس الحربي لم يلحق به ضرر كبير، كما أنه لا يوجد إشارات على وجود مسحوق أصفر شديد التفجر كالذي رأيناه في الأشرطة المصورة التي يظهر فيها الصاروخ ذو الرأس الحربي شديد الانفجار.

كذلك يوجد هناك اختلافان واضحان بين كلا نوعي الصاروخين، أي الصاروخ ذو الرأس الحربي شديد الانفجار والصاروخ ذو الحشوة المجهولة. الفرق الأول هو أن الصاروخ ذو الحشوة المجهولة يحمل أرقاماً حمراء اللون على خلاف النوع الآخر الشديد الانفجار الذي يحمل أرقاماً سوداء اللون.


كما أننا دائماً ما نرى فتحتين في الصفيحة المعدنية الواقعة أسفل الرأس الحربي الخاص بالصاروخ ذو الحشوة المجهولة، في حين أننا نرى فتحة واحدة موجودة في الصفيحة المعدنية الواقعة أسفل الرأس الحربي الخاص بالصاروخ ذو الرأس الحربي شديد الانفجار.


هذه الفتحات هي أحد النظريات والأفكار التي يتم دراستها لفهم هذين النوعين من الصواريخ والتعرف عليهما، ومن بين هذه الأفكار والنظريات ما يلي:
- الفتحة الثانية في الصاروخ ذو الحشوة المجهولة هي فتحة لتعبئة الرأس الحربي.

- تشير الكتابات الملونة إلى نوع الرأس الحربي حيث يوجد شرائط صفراء وسوداء على الصاروخ ذو الرأس الحربي شديد الانفجار.

- إن الصاروخ ذو الرأس الحربي شديد الانفجار مزود بمحركٍ دافعٍ أطول لكي يتناسب مع الرأس الحربي الأثقل وزناً.

كيف يتم إطلاق الأسلحة المجهولة المرتبطة بالهجمات الكيماوية؟

تم نشر الشريط التالي في الأسبوع الذي تلا وقوع الهجمات الكيماوية المزعومة قرب دمشق ويظهر فيه عملية تجهيز وإطلاق الصواريخ المجهولة المرتبطة بالهجمات الكيماوية.


نرى بوضوح أن الذخيرة المستخدمة تم أطلاقها بواسطة صاروخ زُود بها, كما نرى أن هذا الصاروخ قد أطلق من راجمة صواريخ ذات سبطانة، وقد وصف نيك جينزين جونز (Nic Jenzen-Jones) وهو خبير في الأسلحة هذه الراجمة بأنها من نوع "فلق-2" وذلك في منشور كتبه في مدوّنته عن هذه الصواريخ، كما يوجد بضعة تفاصيل مهمة تستحق تسليط الضوء عليها، فهناك شريط أصفر اللون على ذيل الصاروخ ممّا قد يشير إلى أنها من النوع الشديد التفجر (كما شرحتُ فيما سبق) ويبدو أن ذيل الصاروخ أطول من نظيره في الصاروخ ذو الحشوة المجهولة, كما يبدو أنها أطول من الأشخاص الذين يقفون بجانبها, في حين نرى أن الصاروخ ذو الحشوة المجهولة مزود بذيل يصل طوله إلى كتفي شخص بالغ. والشيء الآخر المثير للاهتمام في هذه اللقطة من الشريط هو أن رجلاً يرتدي سترة حمراء اللون يقوم بلولبة (أو تثبيت) شيء ما داخل الصفيحة المعدنية الواقعة أسفل الرأس الحربي، والسؤال هنا هل لهذا علاقة بالفتحة الموجودة في الصفيحة المعدنية الواقعة أسفل الرأس الحربي التي رأيناها في كلا نوعي الصواريخ المجهولة المرتبطة بالهجمات الكيماوية؟

لا بد من التأكيد هنا على أن تصميم هذه الصواريخ هو فريد ومختلف عن الصواريخ القياسية التي نعرفها، ويمكننا ملاحظة ذلك حتى لو رأيناها من مسافة بعيدة، فمثلاً نرى في هذه الصورة الملتقطة في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 راجمة صواريخ أخرى من نوع "فلق-2" وذيل صاروخ مجهول مرتبط بالهجمات الكيماوية يبرز من مؤخرة الراجمة.

 
أي من طرفي الصراع يستخدم هذه الصواريخ المجهولة المرتبطة بالهجمات الكيماوية؟

إن هذه الصواريخ لا ترتبط فقط بهجمات الحادي وعشرين من شهر آب/ أغسطس، وقد نُشرت صور لها منذ شهر كانون الثاني/يناير كما أنها لم ترتبط دائماً بالهجمات الكيماوية لكن لها الشكل ذاته دائماً ورافقها دائماً مزاعم بأن الجيش النظامي هو من استخدمها ضد المعارضة المسلحة. فيما يلي قائمة بالأشرطة المصورة موثقة بالزمان والمكان:


وُصفت هذه الصواريخ في جميع الأشرطة بأنها أسلحة كيماوية باستثناء تلك الملتقطة في داريّا بتاريخ 4 كانون الثاني/يناير وفي حمص بتاريخ 2 آب/ أغسطس، وبخصوص الأشرطة الثلاثة الملتقطة في عدرا بتاريخ 5 آب/ أغسطس فقد ارتبطت مباشرة بهجوم وقع في اليوم ذاته، ونُشرت أشرطة مصورة للمصابين جراء الهجوم ويظهر فيها الأعراض ذاتها، وتكلمتُ مع طبيب في دمشق يزعم أنه عالج الإصابات التي وقعت في كلا الهجومين، أي بتاريخ 5 و21 آب/أغسطس وقال أنه لاحظ الأعراض ذاتها على المصابين في كلا الهجومين.

يظهر في الشريط التالي الصواريخ ذاتها لحظة إطلاقها من محطة قطارات في حي القدم في دمشق الذي يقع حالياً تحت سيطرة قوات الحكومة السورية.



أخذت ثلاث صور قريبة للصاروخ الظاهر في الشريط ووضعتها جنباً إلى جنب.


نلاحظ أن الصورة الجانبية للصاروخ تشبه إلى حد كبير الصواريخ المجهولة المرتبطة بالهجمات الكيماوية، ونرى بوضوح مقطعين أو جزأين إثنين حيث يبدو أن مقطع الرأس الحربي أعرض من مقطع الصاروخ كما أن نسبة الرأس الحربي من نسبة الصاروخ هي ما نتوقع رؤيته، وكما سبق وقلت من قبل إن هذه صواريخ فريدة الشكل ومختلفة عن الصواريخ القياسية التي نعرفها، ولم يسبق لي مشاهدة أي صاروخ آخر شبيه بها في ترسانة أيٍ من طرفي الصراع.

إن كل ما سبق ذكره متعلق بالقوات الحكومية، لكن إذا كان هناك مزاعم بأن المعارضة تمتلك بحوزتها صواريخ كهذه، فما هي الأدلة على ذلك؟ إن جوابي هو أنه لا يوجد حتى اللحظة أيّ دليل يثبت هذه المزاعم، فقد أمضيت الثمانية عشر شهراً الماضية في مراقبة الأسلحة والذخائر المستخدمة من قبل كلا طرفي النزاع، ولو فرضنا أن المعارضة تمتلك فعلاً هذه الصواريخ وأنها كانت تخفيها، فلم إذاً قامت بصنع "مدفع جهنم" في الأشهر الماضية، وهو نوع من الهاون المحلي الصنع، وكذلك "مدفع سيدنا عمر" وهو نسخة أكبر حجماً من "مدفع جهنم" في الوقت الذي تمتلك فيه سلاحاً أقوى وأكثر فاعلية؟

كيف لنا أن نعرف أن هذه أسلحة كيماوية؟

أن هذا هو السؤال الأهم، وفي الحقيقة لا أملك إجابة على هذا السؤال. أعيد القول إن هذه صواريخ مرتبطة بالهجمات الكيماوية المزعومة وليست أسلحة كيماوية استخدمت في هجمات كيماوية، وفي نهاية المطاف يعود الأمر للأمم المتحدة لتأكيد استخدام الأسلحة الكيماوية، وفي حال تم ذلك فإن الصواريخ التي مرت معنا هنا هي الوحيدة التي ارتبط بهذه الهجمات. إن أحد الأمور القليلة التي تأكدنا منها هي أن العامل الكيماوي الذي استخدم في الهجوم هو عامل سريع الزوال وإلا فإن الأشخاص الذين التقطوا صوراً وأشرطة لهذه الصواريخ سيكونون في عداد الأموات في حال كان العامل الكيماوي المستخدم يدوم تأثيره لفترة طويلة، وقد جرى نقاش حول إذا ما كانت هذه الصواريخ مزودة بمتفجرات مصنوعة من الوقود الذي ينفجر في الجو، لكن كما قلنا سابقاً تعود مهمة تأكيد أو نفي استخدام الأسلحة الكيماوية إلى الأمم المتحدة. يعرض الشريط التالي والذي التقط في 28 آب/أغسطس أعضاءً من فريق الأمم المتحدة وهم يجمعون عينات من أحد المواقع الذي سقطت فيه الصواريخ المجهولة المرتبطة بالهجمات الكيماوية من النوع المجهول.


ماذا عن الشريط المصور الذي يظهر فيه المتمردون وهم يطلقون سلاحاً كيماوياً؟

تم تداول الشريط التالي بعد هجمات الحادي والعشرين من شهر آب/أغسطس ويُزعم أنه يعرض قوات من المعارضة وهم يطلقون أسلحة كيماوية.



وفي بعض نسخ أخرى من الشريط نرى الهجوم لحظة وقوعه وهذا شيء مستحيل لأن هذا الشريط تم تصويره في وضح النهار أضف إلى أنه نشر في بادئ الأمر على موقع اليوتيوب منذ أكثر من شهر من الزمن. ما نراه في الشريط هو "مدفع جهنم" الذي أتينا على ذكره وهو نوع من الهاون محلي الصنع استخدمته المعارضة السورية على نطاق واسع على مدى الأشهر الماضية، وقد قامت المجموعة التي صنعته بنشر شريط ترويجي لهذا المدفع أثناء عملية الصنع وملء القذائف بالمتفجرات محلية الصنع والمصنوعة من السماد.

ربما قامت المعارضة السورية بملء هذه القذائف بعوامل كيماوية إلا أنه لا يوجد دليل واضح يثبت ذلك باستثناء بعض المزاعم على موقع اليوتيوب والتي لا تعني شيئاُ البتّة بدون تقديم أدلة فعلية.

ماذا عن الأشرطة المصورة التي تظهر فيها قوات المعارضة وهي تعطي أوامر باستخدام السارين؟

هذا شريط آخر تم تداوله مؤخراً، ويُزعم فيه أن قوات المعارضة تعطي أوامر باستخدام السارين.


هذا الشريط نسخة عن شريط أعدّه "لواء الإسلام" ويظهر شعارهم في أعلى الزاوية اليسرى، وبالطبع يستحيل معرفة إن كان الصوت المرافق للشريط حقيقياُ لأن هذا ليس الشريط الأصلي، وقد دَرج موقع اليوتيوب على إغلاق قنوات هذا اللواء مما جعل من مشاهدة الشريط الأصلي أمراً شبه مستحيل، لكن إن كان هناك من يملك نسخة عن الشريط الأصلي ويريد أن يبرهن أن الصوت المرافق له حقيقي فليخبرني بذلك رجاءً.

سمعت أنه كان مجرد حادث، ما قولك في هذا؟

قام موقع Mint Press مؤخراً بنشر تقارير عن أن شهوداً أخبروهم بأن الهجوم الكيماوي وقع نتيجةً لحادث بعد أن قامت قوات المعارضة عن طريق الخطأ بتفجير شحنة من الأسلحة الكيماوية التي زودتهم بها المملكة العربية السعودية، وقد سألت عدداً من خبراء الأسلحة الكيماوية عن رأيهم في هذه المزاعم لكن لم يبدو عليهم أنهم اقتنعوا بها، ونتساءلُ هنا كيف لحادث عرضي كهذا أن يؤثر في منطقة واسعة وفي نفس الوقت يتجنب إصابة مناطق تقع بين المناطق التي تأثرت بالحادث؟

يمكن الاطلاع على مزيد من المعلومات حول موضوع هجمات الحادي والعشرين من شهر آب/أغسطس في الرابط، وعلى منشورات أخرى عن الأسلحة الكيماوية في سورية بما فيها مقابلات تحوي معلومات قيمة أجريت مع خبراء في الأسلحة الكيماوية في هذا الرابط.